كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

وذلك أن سئلنا: ما سبب هذه الفتنة في القبر قد انقطعت العبودة عند خروج الروح إلى الله موحداً، وانكشف الغطاء؟.
فالجواب في ذلك عندنا، والله أعلم: أن الله من على الموحدين بمعرفته وتوحيده، وذلك من فضله ورحمته، فصاروا أولياءه، وحرم قوماً فضله ورحمته، فصاروا أعداءه، وكان يبعث الرسول بعد الرسول إلى الأمم، فكان الممنون عليه يؤمن به، ويتبع الرسول في شريعته، ويعبده مع الرسول، والخائب يكذب الرسول، ويتخذ من دون الله ولياً، فيعبده، فكان يمهلهم حتى يريهم الآيات، ثم إذا لم يؤمنوا، بعث عليهم عذاباً فيدمرهم، ثم ينشئ قرناً آخر، ويبعث رسولاً، فكان هذا سنة الله في الذين خلوا من قبل.
وقال في تنزيله عندما قص نبأ نوح، ثم إبراهيم، وعاد، وثمود، وشعيب، وموسى، وفرعون، ثم قال: {فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا} الآية، ثم بعث الله محمداً عليه السلام رسولاً، فقال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين}.
فكان من رحمته: أن أعطى محمداً السيف بدل العذاب الذي كان يأتي الأمم بغتة فيهلكهم؛ كي يخوفهم بالسيف حتى يدخلوا في الإسلام طوعاً وكرهاً، ثم إذا مرنت نفوسهم الكارهة في الدين على شريعة الإسلام،

الصفحة 442