كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
انقادت وأطاعت، وزايلهم الغش والنفاق، ومنهم من لم يزل النفاق فيهم إلى أن مات، وستر الله ذلك عليهم، فكان المنافقون يخالطون المسلمين في مناكحاتهم ومواريثهم، ومغازيهم ومعاملاتهم، والنفاق في القلب، ولم يكن في الأمم قبل ذلك نفاق، إنما كان تصديق وتكذيب؛ لأنه لم يكن هناك تخويف بالسيف، فكان المكذبون يجهرون بالتكذيب حتى يأتهم عذاب الله بغتة، فلما جاءت هذه الأمة، وأوتيت السيف، دخلوا في الدين طوعاً وكرهاً، فجاءهم الابتلاء في القبر؛ ليظهر نصرة الله المطيع في الحياة الدنيا، الثابت في قبول الإسلام، وتلقين الجواب عند السؤال، ويبرز مكرمته وفضله، ويضل الله الظالم الذي كان مع النفاق أيام الحياة، فهذا عندنا سبب فتاني القبر.
ويحقق ما قلنا ما:
1524 - نا به محمد بن زنبور المكي، قال: نا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذه الأمة تبتلى في قبورها)).
فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذه الأمة خصوصاً دون سائر الأمم، فإنما ابتلوا بالسؤال؛ ليميز الله الخبيث من الطيب، فيثبت الثابت في الحياة الدنيا، ويضل الله الظالم، وقال في تنزيله: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من