كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

هناك في البرزخ من قبل أن يلقى الله، لأن كلا الصنفين قد صلي عليهما، وفعل بهما سنة الموت من النبيين والمرسلين؛ من الغسل والتكفين والصلاة عليهم، فامتحنا بالسؤال؛ ليهتك المنافق ستره بقوله: لا أدري، كما ستر الله عليه نفاقه بحرمة ما أظهر من المنطق الجميل، فقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
فأوجب لقوله في الظاهر حرمة، فلم يهتك ستره في الدنيا كرماً ومجداً، حتى إذا وضع في قبره، امتحنه بالسؤال؛ ليظهر نفاقه في البرزخ قبل أن تقوم الساعة؛ كي يكون العبد هو الذي يهتك ستر نفسه بقوله، والله حيي ستير، لا يهتك ستر العبد حتى يكون هو الذي يهتك ستره، وأضله عن القول كما كان في الدنيا ضالاً في الستر، ظالماً لنفسه، وثبت الصادق برحمته السابقة له، وبما من عليه، فرد عليه عقله، وروحه، وعلمه بالله، وأطلق لسانه، وشجع نفسه، وقوي قلبه حتى نطق بوفارة حظه من الله، ولم تأخذه الحيرة والدهشة، لعلمه بالله الذي أكرمه بذلك العلم، فأقواهم على الإجابة، وأسرعهم جواباً: أوفرهم حظاً من العلم بالله.
فالامتحان في القبر بعدما انقطعت العبودة مكرمة للموحد الممنون عليه بالتوحيد، كما من الله عليه بالثبات في الدنيا، فلم يزغ بقلبه هواه

الصفحة 448