كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
فالعبودة في ترك الهوى، واتباع ما جاء به، فكل أمر اجتمعت فيه هذه الخصال الست، فقد استكمل العبودة: الحق، والصواب، والعدل، والصدق، والأدب، والبهاء، فإذا رفع أمره إلى الله، وقد اجتمعت فيه هذه الست، لبق، فإذا لبق، تقبل، وتقبله أن يعرض على الله، فإذا نظر إليه تقبله الآن، وما تأخر تقبله، فهو موضوع في الخزائن إلى يوم القيامة حتى يحاسب، ويحصل ما في الصدور، فما صفا منها، قبل هناك، وما لم يصف، رمي به.
قال له قائل: صف لنا أمراً واحداً تجتمع فيه هذه الخصال؟.
قال: رجل صلى ركعتين في وقت طلوع الشمس، أو في وقت دعته أمه، فلم يجبها، فالصلاة حق، وليس بصواب في هذا الوقت، فلم يصب الصواب.
ألا ترى أن جريجاً الراهب جاءته أمه، فنادته وهو يصلي في صومعته، فقال: يا رب! صلاتاه وأماه، فلم يجبها، فرجعت الأم، ودعت عليه فقالت: اللهم ارمه بالمومسات، فما لبث أن أحاطت جماعة بصومعته ليخربوها، فأنزلوه وأهانوه، وقالوا: إن أمتنا هذه ولدت من زنا، وزعمت أنه منك، فتبسم ضاحكاً لما علم من دعوة أمه، وصلى ركعتين، ثم قال: أروني هذا الولد، فجاؤوا به، فقال: من أبوك؟ فقال ذلك المولود: أبي فلان الراعي، فندم القوم على ذلك، واعتذروا إليه، وقالوا: نبني صومعتك من الذهب والفضة، قال: لا، أعيدوها كما كانت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: