كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
فإذا مر بذكر داره، حن إليها للقائه في داره، والنظر إليه، وإذا مر بذكر سجنه، أشفى صدره من أعدائه؛ لما أعد الله لهم؛ لأنه كان أيام الدنيا يألم قلبه، ويجد مرارة ما يأتون به من الجرأة على ربهم في العظائم.
والقرآن نزل بأخبار القرون قبله، فرأى نصرة الأولياء، ونقمة الأعداء، ففرح بنصرة الأولياء، وشمت بنقمة الأعداء، والقرآن نزل بضرب الأمثال، وقلبه مرآة قد عاين ببصر قلبه ما وصف له، فكأنه شاهدهم بقلبه، فوافق الأمثال ما شاهد بقلبه، فزاده إيماناً مع إيمانه، والقرآن نزل بذكر ما خرج من الآية، وأنبأ ما في الملكوت، فرتع قلبه في رياض البهجة بذكر تلك الأشياء، فإذا قرأ سورة {ق والقرآن المجيد} وأشباهها من السور، وما وصف من ذكر السماوات والأرضين، وقوله تعالى: {أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج. والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوجٍ بهيجٍ}، إلى قوله: {رزقاً للعباد وأحيينا به بلدةً}، عملت فيه بهجة الآية.
والقرآن نزل بحججه الدامغة للباطل على أعدائه، فتقوى بها، وازداد بصيرة، والقرآن نزل باللطائف، وعلائم الرأفة والمحبة للعباد، فازداد بالله علماً، وبمنازل العباد منه معرفة، والقرآن نزل بمحض التوحيد وعلم الفردية، فلها عن كل شيء سواه، وانفرد به تعلقاً بفرديته، فهذه صفة