كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
القميص، فانقطع عن رحمة الله، ولم يبق له إلا رحمة التوحيد، فهذا الواصل للرحم كان رجلاً قد عمل السيئات الكثيرة، وضيع الحقوق، فلما وصل الرحم، نالت يده حواشي القميص، فتعلق بها، فنال الرحمة، فلما جاءته الصلة، فأخبرت المؤمنين في القيامة: كلموه. معناه: أنه دخل في رحمة الله التي يرحم بها المؤمنين، فصاروا كلهم له، بعد أن كانوا عليه.
((ورأيت رجلاً من أمتي يتقي وهج النار وشررها بيده عن وجهه فجاءته صدقته، فصارت ستراً على وجهه وظلاً على رأسه)).
قال أبو عبد الله رحمه الله:
فالصدقة إنما صارت ستراً للمؤمن من النار؛ لأنه إذا تصدق، فإنما يفدي نفسه، ويفك غرامة جنايته.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أن يحيى بن زكريا عليه السلام أمر قومه بالصدقة، وضرب لهم مثلاً، فقال: كمثل رجلٍ قتل قتيلاً، ثم هرب، فسأل أولياءه أن يجعلوا دية القتل عليه نجوماً، ففعلوا، فأداها نجماً نجماً، ففك رقبته، وصار إلى أهله مطمئناً)).
والنار إنما تطلب وجوه الجناة في الموقف لتلفحها، فإذا أدى الجاني غرمه، صار الأداء ستراً على الوجه، وظلاً على الرأس، وهكذا شأن الفدية، تأخذ بالحذاء من فوق، فتقيك بنفسها من كل ناحية.