كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
الوفود، فكذلك هذه الكلمات قد وعتها القلوب، ووعت معانيها الصدور، وزينتها العقول لأفئدة القلوب، وأشرقت أنوارها في الروايات من بين أودية الأفكار، وعلى بصائر النفوس وأسماع هواجس الأحلام.
فمن كان قلبه واعياً لنور الله الأعظم، وصدره مشرقاً بذلك النور، وعين فؤاده منكشف الغطاء من زينة العقل وبهائه، وقد سد تراكم أنواره خلال الروايات، واحتدت لها بصائر النفوس، وأذنت أسماع الهواجس، واحتشت من نور الحياة، فإنما تخرج الكلمات إلى الله من بين هذه الأشياء، فهذا بحر الله فيه جواهر الله، فإنما يصعد إلى الله جواهر قد غاص عليها قائلها من بحره، فولي البحر أعلم بأثمان تلك الجواهر، قد عجز عن علم أثمانها جميع الخلق.
قال له قائل: ما أثمانها؟
قال: حب الله، فمن ذا يدرك مقادير حرارات الحب وفورانه وشعله، ومن يحصيها من العبد، ويعلم كنهها إلا محبوبه الذي يثيره.
قال له قائل: كيف يثيره؟.
قال: يثير الحب الذي وضعه في العبد بالحب الذي عنده للعبد، فمن خرجت هذه الكلمات من حبه، من بحره، من غوصه، فدخلت هذه الكلمات منه على الله، كن أول من يدخلن، ثم يعرض أعماله بعد دخولهن،