كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

القلب، ومن الزينة والحياة التي في النفس، فإذا حزن القلب، ذبلت النفس، وانطفأت نار الشهوة، وتعطلت الجوارح عن العمل، وسكنت الحركات، فإذا فرح القلب، هاجت النفس، وصارت قوية طرية، وأثارت نيران الشهوات، واستعملت الجوارح كلها؛ فإن كل نار إنما تستعمل الجارحة التي بحيالها.
فالفرح رأس مال أعمال الجوارح، والعبد مبلوٌّ بهذا الفرح، فإذا حيي القلب بالله، ففرح بشيء من زينة الدنيا تراءى بذلك النور الذي في قلبه، وتلك الحياة التي لقلبه صنع الله تعالى في تلك الزينة، وخلقه لها، ورحمته فيها، ورأفته على عبده بذلك، فقبلها من ربه، واستبشر بها، وصير ذلك الفرح لله، ونطق بالحمد لله، وأضمر على الطاعة شكراً لله، وإظهاراً لعلمه بأني أعلم أن هذا لي من الله، حتى يأخذ ذلك الفرح بمجامع قلبه، ويملأ صدره من ذلك الفرح، وينتشر سلطان ذلك الفرح من صدره في جميع جوارحه، فيذهب كسله، ويقوى عزمه، وتتجدد نيته، وتطيب نفسه.
فهذا عبد حامد لله، شاكر لله، قد صدق علمه بأنه من الله؛ بقوله بلسانه: الحمد لله، ثم يصدقه بفعل جوارحه شكراً لله تعالى، وإذا هاج الفرح بتلك

الصفحة 494