كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

الزينة من قلبه، وكان قلبه محجوباً عن الله تعالى، وصدره مظلماً بغيوم الهوى، ودخان الشهوات، ورين الذنوب، لم يتراء لعيني فؤاده في صدره صنع الله في تلك الزينة، ولا خلقه لها، ولا رحمته فيها، ولا رأفته عليه، فجاء الهوى بكبره، والنفس بعلوها وتجبرها، وصار الفرح للنفس، والفرح بالدنيا، ولمراءاة الأشكال والأضداد؛ ليناطح بتلك الزينة الأضداد، ويباهي بها الأشكال، فظهر الفساد من الجوارح، وخرجت السيئات من الجسد، كل سيئة من معدنها؛ من قلة الرحمة، وقلة الرأفة، وقلة المبالاة، وترك النصيحة، وظهرت الفظاظة، واليبوسة، والغلظة، والقسوة، ومدانئ الأخلاق، حتى صارت الجوارح إلى الغش والمكر والمخادعة، وإلى أفعال الحسد، وإلى سوء النيات والمقاصد، حتى خرج إلى الفرعنة والتجبر، كل على قدره، يتنعمون بنعم الله تعالى، ويتلذذون بتلك الزينة، وتلك اللذات فرحاً، وأشراً، وبطراً في هيئة أهل الكفر بالله، والجحود له.
فقد تبين الآن: أن أصل هذا الأمر كله من الفرح، فمن قدر أن يصرف هذا الفرح منه إلى الله في كل عمل، وفي كل أمر دنيا وآخرة، تنور قلبه، وإلا، فقد وقع في الوبال، فإن كان فرحه في أمر الدنيا، أشر وبطر وهلك، وإن كان في أمر الآخرة، أعجب وتكبر وصار مرائياً، فمن صرف ذلك

الصفحة 495