كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

إلى الله تعالى، لم يزدد لربه إلا خشوعاً وخضوعاً وحياءً، فحمده، ودعاه ذلك إلى شكره بجميع جوارحه، وذلك حفظ الجوارح السبع على أمر الله، وإقامة فرائض الله، والقيام بحقوق الله، ومن لم يقدر على ذلك، سباه فرحه، فصار سبياً من سبي النفس، وإذا نالت النفس الفرح، كانت بمنزلة رجل متغلب وجد كنزاً وأموالاً جمة، فاحتوى عليها، وفرقها فيمن اجتمع إليه من الغوغاء، حتى صاروا أعوانه وتباعه، فخرج بتلك القوة على أمير البلد، وعمد إلى الأمير فسجنه، فالأمير في الوثاق في السجن، والخارجي يدوس البلد دوساً، فإن تداركه أمير المؤمنين بمدد وجيش وكنز، فقد نصره، وإن تركه مخذولاً، فقد ذهبت الإمرة.
فهذا شأن القلب مع النفس، وقد حذر الله تعالى عباده في تنزيله في قصة قارون قوله: {لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين}.
وقال تعالى: {وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاعٌ}، وقال تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون}.
فدلك على الفرح بفضله؛ ليصرفك عن الفرح بجمعه، فإن فرح الجمع هلاك الدين والقلب، وفرح الفضل والرحمة يؤديك إلى الله؛ لأن من فرح

الصفحة 496