كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

فما زال الخارجي يحاربه، ويتباعد قليلاً قليلاً، والأمير خائف مع هذا الجند، لا يأمن بياته وافتراضه، فهو مشغول بالحراسة يحرس جنوده ونفسه، ويسأل أمر المؤمنين زيادة مدد، فلا يزال يمده حتى إذا أمده بغاية المدد أخذه أسيراً، أو يكون الخارجي قد نظر إلى كثرة المدد، فعلم أنه لا يقاوم أمير المؤمنين، فألقى بيديه سلماً، وأسلم، وتاب على يدي أمير المؤمنين، فعندها يأمن الأمير، ويتربع في ولايته، ويتفرغ لصلاح أمور البلد، وأمور أمير المؤمنين.
فهذه صفة التائب إذا تاب، احتاج إلى محاربة النفس ومجاهدتها في كل أمر، فلا يزال كذلك، فيزاد مدداً، وهو لا يأمنها مع ذلك المدد، فخاف أن تثب وثبةً من زوايا جوفه فتأخذه؛ لأن مكرها أعظم من أن يوصف، حتى إذا تجلى لقلبه شأن الملكوت، وأشرق في صدره أنواره، فامتلأ صدر العبد من جلال الله وعظمته، فبسلطان الجلال تستأنس النفس ويسبيها، وبالعظمة يولهها، فإما أن يأخذها بتلك القوة، فيحبسها حتى

الصفحة 499