كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

أتيتك عارياً خلقاً ثيابي ... على خوفٍ تظن به الظنونا
فالذي يشرب ماء الحيوان في الآخرة يجد اللذة والنعيم كل شعرة فيه على حدتها، ويقوى على نعيم الجنة بقوة تلك الحياة، بجميع ما في هذه الدار التي سميت دنيا، كل ذلك متاع هذه الحياة، والمتاع: المنفعة والبلغة.
قال الله تعالى: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين} إلى قوله: {ذلك متاع الحياة الدنيا}، ثم قال سبحانه: {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعبٌ ولهوٌ وزينةٌ وتفاخرٌ بينكم وتكاثرٌ في الأموال والأولاد}، ثم ضرب المثل بالغيث؛ ليريكم عاقبتها، ثم قال: {وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}، ثم قال: {إنا جعلنا ما على الأرض زينةً لها}.
ثم أخبرك لأي شيء جعل هذا، فقال: {لنبلوهم أيهم أحسن عملاً}، ثم ضرب المثل، فقال: {إنما مثل الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من السماء}، ثم قال في آيةٍ أخرى: {والله يدعو إلى دار السلام}، ثم قال: {قل أؤنبئكم بخيرٍ من ذلكم}، ثم بين ذلك الخير ما هو، فقال: {جناتٌ تجري من تحتها الأنهار}، ثم بين لمن هي، فقال: {للذين اتقوا}، ثم قال: {الصابرين والصادقين والقانتين والمنافقين والمستغفرين بالأسحار} الآية.
فإنما صارت الدنيا مذمومة ملعونة من أجل أنها غرت النفوس بنعيمها

الصفحة 505