كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

وزهرتها ولذتها، والشهوة واللذة في النفوس، فلما ذاقت النفس طعم النعم، اشتهت ولذت، ومالت عن العبودة إلى هوى النفس، وإنما جعلها زينةً في نفوس العباد، وأعطي من تلك الزينة العدو؛ ليوسوس بتلك الزينة، ويمازج بها تلك الزينة التي وضعها الله تعالى في العباد، وحبها وشهوتها؛ ليبلوهم أيهم أحسن عملاً في هذه الزينة، أيتواضع لله فيما أعطاه من الزينة، ويشكره عليها؟ أو يتكبر عليه ويكفره؟
كما قال سليمان عليه السلام حيث قال: {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين}، فقال ذلك الجني: {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك}، فاستبطأه، وقال الإنسي الذي عنده علمٌ من الكتاب، وهو اسم الله الأعظم: {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك}.
فلما رآه مستقراً عنده؛ أي: السرير، قال: {هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر}؛ أي: قدر هذا الإنسي على ما لم أقدر عليه، وأعطي ما لم أعط، فابتلاني برؤية ما أعطي؛ ليبلوني أأشكر فأعتد بما أعطاه من نعمة الله علي؛ لأنه من خولي؟ أو أحسده فأكفر النعمة؟.
فهذه الأشياء إنما غرت المفتونين الذين لما تناولوها من الدنيا، عميت

الصفحة 506