كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

قال أبو عبد الله رحمه الله:
فالمشي بالقلب، ومن القلب يتأدى قوة المشي إلى الساقين.
ألا ترى أن القلب إذا فزع وارتاع، وقع القائم، وذهبت قوة رجليه؟! ألا ترى أن السكران إذا غاب ذهنه وعقله عن قلبه، استرخت رجلاه، فاختلفتا، فربما يقع، فإذا ثاب إليه عقله وذهنه، قوي؟! ليعلم أن قوة جميع الأركان بالقلب، إذا كان العقل والذهن معه، فكان قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم مشحون بكنوز المعرفة؛ كشحن السفينة إذا أثقلت، حتى غابت في الماء إلى منطقتها، وكانت كنوزه على صنفين: عن اليمين أسرار الله، وعن اليسار سمات الله.
فالرحمة: مع الأسرار، والحق: مع السمات، وحب الله له أمامه جؤجؤ السفينة، وشوق الله شراع السفينة، وفرحه به رياح الشراع.
فكان إذا مشى، مالت به الصنفان، فمرة: أثقال أسرار الله تميل به، ومرة أثقال سمات الله تميل به، فإذا استقر قائماً على المنبر، أو قاعداً في مجلس، استقرت به أثقال الحب، فإذا هبت رياح الأفراح، وهاج الشوق، قام إلى الصلاة، فقرت عينه.
فذلك قوله صلى الله عليه وسلم:

الصفحة 59