كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

فذهبت في شوق الله إلى عبده، ورفعت السفينة بما فيها من الكنوز، وميلانها مرة هكذا، ومرة هكذا، فالحق يمسكها عن الانقلاب من جانبه، والرحمة تمسكها عن الانقلاب من جانبها، والعدل على كوثل السفينة يستقيم بسيرها بمجدافها، ومجدافها مشيئة الله، فلولا المجداف، لكان الشراع ورياحها تطير بها، فيضرب بها صخرة حتى تنكسر، أو تغرق، أو يعدو بها إلى جزيرة يابسة، فتلقيها على الأرض لوحاً لوحاً، ولكن المجداف، والموكل به على كوثله يستقيم بصدرها.
فالثبات من المشيئة يخرج إلى العبد، فلولا الثبات من الله لعبده، لرمى أهبوب هذه الرياح بهذه السفينة، وطار بها كل مطير، حتى يصدم بها جبال البحر، فتكسر كالزجاجة قطعة قطعة، وتذهب الكنوز في ذلك الماء غرقاً.
ولكن ولي السفينة وكل بالسفينة في الأمواج، وفي السواكن من البحر مجدافاً، وهو مشيئة الله ووضع المجداف في يد العدل حتى يستقيم صدر السفينة، فتبقى مستوية، وما فيها مستقر، فالحب غالب على الأشياء التي في قلب المؤمن، فإذا قوي الحب، فصار إلى حب الله له، فناله من هناك، فلولا الثبات من الله بالمشيئة، لطار الحب به كل مطير،

الصفحة 61