كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

وذلك أنهم كانوا سألوه أن يمتعهم باللات سنة، فإن سأله المسلمون عن ذلك، قال: إن ربي أمرني أن أرخص لهم، فأنزل الله تعالى: {وإن كادوا ليفتنونك}، ثم قال: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً}؛ فلم ينسبه إلى أنه: هم بالركون، أو مال إليهم، وأعلمه أن الثابت هو الذي عصمه، يعلمه أن حبه هذا يهيج حرصه، حتى تجد النفس إلى القلب سبيلاً، فشاركه في المحبة؛ لأن الحب في القلب، والحرص في النفس.
فلولا الثبات، لافتتن، فأعلمه المنة عليه، وأنه لولا ذلك الثبات، لقد قربت من الفتنة، والركون إليهم فيما سألوك، فعصمتك بمشيئتي، فأعطيتك الثبات، يعلمه خطر الحب أن شأنه عظيم، وأنه يسبي القلب، فإذا لم يكن له ثبات، ذهبت قوة القلب، فطارت به؛ لغلبة الفرح الذي في الحب بمنزلة السفينة التي طارت، فصدمت به جبلاً، فتكسرت قطعاً قطعاً، وتبددت كنوزه في بحر الغيب غرقاً، فلا حق بقي، ولا رحمة.

الصفحة 63