كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
والظلمة في هذا الطريق بين عيني الفؤاد والرأس، صار سداً، فبقي الصدر مظلماً، وما وراء الصدر مما يلي الرأس، مضيئاً مشرقاً، لا ينفع بذلك عيني الفؤاد، فيبقى الصدر خالياً، كما بقي النهر، ويبقي عين الفؤاد في ظلمة ما جاء به العدو، فسمي ذلك في النهر: سَكراً، -بفتح السين-، وسمي هذا سُكراً -بضم السين-.
فمن أجاز طلاق السكران، وفرق بينه وبين المعتوه، والمجنون، والصبي؛ لأن السكر سد، والعقل وراء السد قائم، وهو حجة الله على العبد، بوجوب الأحكام عليه، والصبي لم يعط عقل الحجة، وهو تمام العقل الذي به تقوم حجة الله.
وعلامته: أنه إذا تم ذلك النور، فحرارة ذلك النور يؤدي إلى الصلب، فيخرج منه الماء الذي يوجب الغسل، إما بحلمٍ، وإما بجماعٍ.
فلذلك صيروا الحلم علامة للإدراك، وجرى الحكم عليه، لأن العقل قد تم، وقبل ذلك كان صغيراً لا يحتمل دماغه ذلك العقل.
وأما العتاهة: فهو التحير، وهو أن يهيج من المرة، فيتمادى إلى الدماغ، فيفسد العقل ويخالطه، فليس هناك عقل يقدر أن يعمل شيئاً؛ لأنه قد خالطه، وكذلك الجنون، هو من المرة، فكلما ستر العقل من داء، فذلك يخالط العقل ويفسده، وما كان من شراب، فإن ذلك سد وظلمة من رجاسة العدو، والعقل من ورائه على هيئته، لم يخالطه شيء، إلا أنه