كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

قبل القراءة، وفي حديث مالك بدأ بذكر القراءة ثم النفث، وفي حديث يونس بدأ بذكر النفث بلا تلاوة، قال: نفث بـ {قل هو الله أحدٌ}، ولا يكون هذا النفث إلا بعد القراءة، وإذا فعل الشيء بشيء، كان ذلك الشيء مقدماً حتى تأتي الشيء الثاني.
فقال في حديث يونس: نفث بـ {قل هو الله أحدٌ} يدل على أن القراءة مقدمة، ثم نفث ببركته؛ لأنه يبتغي من قراءة هذه الأشياء أن يصل على الجسد نورها وبركتها، ولا يقدر على الإيصال إلا بمثل هذا، وذلك أن العبد إذا قرأ، استنار صدره بنور هذا الكلام الذي يتلوه كل قارئ على قدره، فإذا نفث، فإنما ينفث من الصدر، والنفث من الروح، والنفخ من النفس، وعلامة ذلك: أن الروح باردة، والنفس حارة، فإذا قال: نفث، خرجت الريح باردة فذاك من برد الروح، وإذا قال: ها، خرجت الريح حارة، فتلك من النفس، فالأولى نفثة، وهذه الثانية نفخة، وإنما صار هكذا، لأن الروح مسكنها في الرأس، ثم هي متفشية في جميع الجسد، والنفس مسكنها في البدن، ثم هي متفشية في جميع الجسد، وفي كل واحدة منهما حياة، بهما تستعملان الجسد بالحركات،

الصفحة 8