كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
القرآن أفضل من الذكر.
قال أبو عبد الله:
وجاد ما غاص قائل هذا القول؛ لأن الذكر هو شيء يبتدعه العبد من تلقاء قلبه، من علمه بربه.
والقرآن هو شيء قد تكلم به الرب تعالى، فإذا تلاه العبد، فإنما يتكلم بشيء قد كان عند الرب، ولم يخلق منذ نزل إلى العباد، ولا يخلق، ولا يتدنس، وهو على طراوته وطيبه وطهارته، وله كسوة، والذكر الذي يذكره العبد مبتدعاً من عنده لا كسوة له، وأيضاً: إنه هو الذي يؤلفه، وليس تأليف الله كتأليف العبد.
ألا ترى إلى قوله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً}.
ألا ترى إلى قول الوليد بن المغيرة حيث استمع إلى القرآن، تحير فيه فقال: قد عرضته على رجز الشعر، وهزجه، وقريضه، فلم يشبهه، وليس بسحر، ولا كهانة، وإن عليه لطلاوة، وإن له لحلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، وليس هذا من كلام البشر.
فهذا قول رجل ممتلئ من علم النفس، خال من علم القلب، فقلبه