كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 6)

عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى الْعَلَاء أَبُو الْحسن التَّمِيمِي الصرخدي ثمَّ الْحلَبِي الشَّافِعِي. تفقه بِدِمَشْق والقاهرة وَأخْبر أَنه سمع الْمزي بِدِمَشْق وَقدم حلب فسكنها وناب فِي الْقَضَاء عَن الشهَاب بن أبي الرضى وَغَيره، وَكَانَ عَالما مستحضرا فَاضلا فِي الْفِقْه وأصوله نظارا ذكيا بِحَيْثُ كَانَ يبْحَث مَعَ الشهَاب الْأَذْرَعِيّ بِنَفس عَال وَأثْنى البُلْقِينِيّ عِنْد قدومه حلب على علمه وفضيلته وَمَعَ ذَلِك فَكَانَ يتورع عَن الْفتيا وَلَا يكْتب إِلَّا نَادرا مَعَ مُلَازمَة بَيته وَعدم التَّرَدُّد إِلَى أحد غَالِبا وَكَانَ يحضر الْمدَارِس مَعَ الْفُقَرَاء فَلَمَّا بنى تغرى بردى النَّائِب جَامعه فوض إِلَيْهِ تدريس الشَّافِعِيَّة بِهِ فحضره ودرس فِيهِ بِحُضُور الْوَاقِف يَوْم الْجُمُعَة بعد الصَّلَاة، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ ابْن خطيب الناصرية وترجمه بِمَا هَذَا ملخصه وَقَالَ أَنه انْتفع بِهِ كثيرا. وَمَات فِي الْفِتْنَة التمرية سنة ثَلَاث، وَتَبعهُ شَيخنَا فِي أنبائه وَقَالَ أَنه تفقه وَهُوَ صَغِير وَسمع من الْمزي وَغَيره وجالس الْأَذْرَعِيّ وَكَانَ يبْحَث مَعَه وَلَا يرجع إِلَيْهِ رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى الشَّيْخ الصَّالح نور الدّين البعداني اليمني الْمَكِّيّ قطنها أَكثر من أَرْبَعِينَ سنة، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة ثَمَانمِائَة إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي وَأحمد بن أقبرص وَعمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي والمحب بن منيع وَجَمَاعَة وَكَانَ صَالحا مديما لِلْعِبَادَةِ ويعتمر كل يَوْم من الْأَشْهر الثَّلَاثَة مرَّتَيْنِ وَيحيى اللَّيْل بِالطّوافِ وَالصَّلَاة والتلاوة وينام فِي الرّبع الْأَخير مِنْهُ قَائِما بحوائج من يَقْصِدهُ زَائِد الِاحْتِمَال كثير السخاء والبشاشة سِيمَا أهل الْحَرَمَيْنِ بل أهل الْمَدِينَة بِحَيْثُ يكون يَوْم قدومه على أَهلهَا عِنْدهم كالعيد وَزَاد فِي بدايته صُحْبَة صَاحبه الشَّيْخ عمر العرابي من طَرِيق الْمَاشِي وَمَا كَانَ قوتهما إِلَّا ورق الشّجر وَهُوَ السَّبَب فِي نَقله عمر من الْيمن لمَكَّة وَاشْترى لَهُ دَارا بالمروة وبناها لَهُ وَأُخْرَى لوَلَده مُحَمَّد وزوجه ابْنَته، وزار الْقُدس وَاعْتمر مِنْهُ وَهُوَ الْقَائِم بعمارة الرِّبَاط الْمَشْهُور بِهِ لجِهَة فرجان امْرَأَة الْأَشْرَف بن الْأَفْضَل بل صَارَت ترسل إِلَيْهِ فِي كل سنة بوقر جلبه من الطَّعَام وَالطّيب والفرش والشمع والسليط وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ فَيعْمل للْفُقَرَاء الأسمطة فِي رَمَضَان وربيع والأعياد بل شرع فِي عمَارَة مَا تقدم من مَسْجِد الْخيف ثمَّ فِي بِنَاء بِئْر على الَّتِي بدرب الماسي وَكَانَت)
قد انْهَدَمت، كل ذَلِك مَعَ الْكَمَال فِي لِبَاسه وريحه وَطَعَامه ونحافة جِسْمه وَشدَّة ورعه وَهُوَ كلمة اتِّفَاق مُعْتَقد بَين سلاطين الْيمن وشرفاء صنعاء وَمَكَّة وأمراء مصر بل بَينه وَبَين أبي فَارس صَاحب الْمغرب مُكَاتبَة وصحبة بِحَيْثُ كَانَ يُرْسل إِلَيْهِ للبيمارستان كل عَام مبلغا جيدا وَأما صَاحب مَكَّة حسن بن عجلَان فَكَانَ يجله ويعظمه حَتَّى قَالَ: مَا رَأَيْت فِي الْمَشَايِخ

الصفحة 26