كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 6)

سنة تسعين بمنزله بِمصْر الْقَدِيمَة كَانَ تخول إِلَيْهِ قبيل مَوته بِيَسِير وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بزاويتهم دَاخل الْمَقْصُورَة تَحت رجْلي وَالِديهِ بِوَصِيَّة مِنْهُ رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد نور الدّين القاهري الشَّافِعِي نزيل الْمدرسَة البقرية بِالْقربِ من بَاب النَّصْر وَيعرف بِابْن الْقيم وبابن شقير. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة فِي جَامع التركماني من المقس بِالْقَاهِرَةِ وَحفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ لأبي عَمْرو على الْفَخر الضَّرِير والشرف يَعْقُوب الجوشني وَغَيرهمَا والمنهاج الفرعي وَعرضه على الأبناسي وَنصر الله الْحَنْبَلِيّ القَاضِي والبدر بن أبي الْبَقَاء وَابْن مَنْصُور الْحَنَفِيّ وَابْن خير وَغَيرهم واشتغل بالفقه على الأبناسي والبدر القويسني وَجَمَاعَة بالنحو على الشَّمْس الحريري وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ الْحسن، وَحج مرَارًا أَولهَا قبل الْقرن وَسمع على التنوخي والمطرز والفرسيسي وَطَائِفَة وَمِمَّا سَمعه على الأول جُزْء أبي الجهم، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ الولوي الزيتوني بمشاركة وَالِده الْجمال عبد الله مَعَه فِي التحديث، وَكَانَ إنْسَانا حسنا خيرا أحد صوفية الأشرفية برسباي وقيم جَامع التركماني. مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَمَان وَأَرْبَعين بِالْقَاهِرَةِ رَحمَه الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف نور الدّين التوريزي. نَشأ فِي كنف أَبِيه وَكَانَ كَبِير التُّجَّار فَلَمَّا مَاتَ اشْتهر بِالتِّجَارَة أَخَوَاهُ الْجمال مُحَمَّد وَالْفَخْر أَبُو بكر وتعانى هَذَا السّفر إِلَى بِلَاد الْحَبَشَة وَالتِّجَارَة بهَا إِلَى أَن اشْتهر وَصَارَت لَهُ عِنْدهم منزلَة وَصُورَة كَبِيرَة ووجاهة وَكلمَة مَقْبُولَة لقِيَامه فِي خدمته بِمَا يرومونه من النفائس الَّتِي يحضرها لَهُم من الْقَاهِرَة وَغَيرهمَا فَلَمَّا أَكثر ذَلِك نقم عَلَيْهِ بعض النَّاس موالاته للْكفَّار مِنْهُم وَنسب لشراء الأسلحة والخيول لَهُم وعثر عَلَيْهِ مرّة بِشَيْء من ذَلِك فِي الدولة المؤيدية فاستتيب وَأقسم أَنه لَا يعود فَلَمَّا كَانَ فِي أثْنَاء سنة)
إِحْدَى وَثَلَاثِينَ زعم بعض المتعصبين عَلَيْهِ أَنه توجه رَسُولا من ملك الْحَبَشَة إِلَى ملك الفرنج يستحثه على الْمُسلمين، وَهَذَا عِنْدِي غير مَقْبُول لِأَن مُعْتَقد الطَّائِفَتَيْنِ مُخْتَلف وَيُقَال انه دخل بِلَاد الفرنج بِسَبَب تَحْصِيل صَلِيب عِنْدهم بلغ أمره ملك الْحَبَشَة فَأحب رُؤْيَته وَلما شاع ذَلِك عَنهُ خشِي على نَفسه فَنزل بمَكَان قريب من خانقاه سرياقوس فنم عَلَيْهِ عبد السَّلَام الجبرتي ووشى بِهِ إِلَى السُّلْطَان فَأمر وَالِي الْقَاهِرَة فَقبض عَلَيْهِ فَوجدَ مَعَه أَمْتعَة من ملابس الفرنج وَشَيْء من سلَاح وناقوسين من ذهب وَكتاب بالحبشية فعرب فَكَانَ إِلَيْهِ مراسله من صَاحب الْحَبَشَة يَسْتَدْعِي مِنْهُ أَشْيَاء يصوغها لَهُ من صلبان ونواقيس ويحضه على شِرَاء مِسْمَار من المسامير الَّتِي سمر بهَا الْمَسِيح بزعمهم فحبس ثمَّ عقد لَهُ مجْلِس ففوض السُّلْطَان

الصفحة 28