كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 6)
جدا فلازم الونائي وسافر مَعَه إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَغَيرهَا وندبه للكشف عَن الْكَنَائِس الشامية فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسمع هُوَ بِالْقَاهِرَةِ على شَيخنَا وَغَيره وَصَحب القاياتي والشرواني والبدر الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ والكمال إِمَام الكاملية والمتواخيين الزين قَاسم وَإِبْرَاهِيم القادريين ثمَّ خطيب مَكَّة أَبَا الْفضل النويري فِي آخَرين من الأتراك كدولات باي وَاسْتقر بِهِ فِي مشيخة التصوف بالطيبرسية بعد موت زين الصَّالِحين الْخَطِيب المنوفي وَحج فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين صَحبه الْبَدْر الْحَنْبَلِيّ وسافر مَعَ الْغُزَاة إِلَى رودس وَغَيرهَا غير مرّة أَولهَا فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين ثمَّ فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَالَّتِي بعْدهَا ورافقه البقاعي فيهمَا وأثرى وَكثر مَاله لَا سِيمَا وَقد أودعهُ شخص مِمَّن كَانَ يَصْحَبهُ قرب مَوته مَالا وأعلمه بِأَن لَهُ عاصبا فِي بِلَاده وَمَات عَن قريب فَلَا العاصب جَاءَ وَلَا هُوَ اعْترف بِحَيْثُ أَن الوزراء لَا زَالُوا يتعرضون لَهُ بِسَبَب ذَلِك وَلَا يصلونَ مِنْهُ لشَيْء واقترض مِنْهُ الجمالي نَاظر الْخَاص فِي بعض الْأَحَايِين بِوَاسِطَة الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ وارتهن عِنْده كتبا، وَلَا زَالَ فِي ترق من المَال والوجاهة خُصُوصا حِين تعين بِوَاسِطَة الجمالي الْمَذْكُور رَسُولا عَن الْأَشْرَف إينال فِي سنة تسع وَخمسين إِلَى صَاحب الْمغرب وَمَعَهُ لَهُ هَدِيَّة ثمَّ رَجَعَ فِي الْمحرم سنة سِتِّينَ وتزايدت وجاهته حَتَّى أَن اشرف الْمشَار إِلَيْهِ زبر البقاعي مرّة عَن الْوُقُوف فَوْقه زبرا فَاحِشا وَكَانَ ذَلِك سَببا لإخماده وَلما اسْتَقر الْأَشْرَف قايتباي زَاد فِي ترقيه لصحبة كَانَت بَينهمَا وَقَررهُ فِي نظر الخانقاه السرياقوسية ثمَّ فِي ديوَان الْأَشْرَاف بل وأرسله إِلَى قلعة حلب ليَكُون نَائِبا بهَا فَأَقَامَ مُدَّة واتسعت دائرته فِي الْأَمْوَال جدا وتكرر طلبه للمجيء وَالْحَاجة فِيهِ إِلَى أَن أُجِيب وَقدم الْقَاهِرَة فهرع النَّاس للسلام عَلَيْهِ وَاسْتمرّ مُقيما على وظائفه إِلَى أَن تعلل بدمل تكون فِيهِ ثمَّ لَا زَالَ يَتَّسِع إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع جُمَادَى الثَّانِيَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء جوَار قبر صَاحبه الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ وَترك شَيْئا كثيرا يفوق)
الْوَصْف وَكَانَ رَحمَه الله خيرا صافي الْبَطن لونا وَاحِدًا مظْهرا للمحبة فِي وَأَصْحَابه ينسبونه إِلَى إمْسَاك وَرُبمَا ذكر بالتزيد فِي الرقم، وَوَصفه البقاعي قَدِيما بالشريف الْفَاضِل الْمُجَاهِد قَالَ: وَهُوَ شكل حسن وبدن معتدل صحبته فِي الْجِهَاد غير مرّة فَوَجَدته ينطوي على كرم غزير وشجاعة مفرطة وأخلاق رضية وَعشرَة حَسَنَة وَنِيَّة جميلَة. قلت: كَانَ هَذَا من البقاعي قبل تَقْدِيم صَاحب التَّرْجَمَة خطيب مَكَّة للصَّلَاة على ولد لَهُ بِحَضْرَتِهِ وَقبل زبر الْأَشْرَف لَهُ بِسَبَبِهِ نسْأَل الله كلمة الْحق فِي السخط والرضى وَأَشَارَ بعد سِيَاق نسبه
الصفحة 37
350