كتاب نيل الأوطار (اسم الجزء: 6)

فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا يَأْوِي مَعِي وَمَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَيَرَانِي فُضُلًا وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ مَا قَدْ عَلِمْت، فَقَالَ: أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ» رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَحْمَدُ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ سَالِمٍ أَخْرَجَ الرِّوَايَةَ مِنْهُ النَّسَائِيّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ كِتَابَةً عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْرَجَ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ عَنْهَا أَبُو دَاوُد، وَأَخْرَجَهَا أَيْضًا الْبُخَارِيُّ فِي الْمَغَازِي مِنْ صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا إلَى قَوْلِهِ: " فَجَاءَتْ سَهْلَةُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " قَالَ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَسُقْ بَقِيَّتَهُ، وَسَاقَهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ كَرِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، وَرَوَاهَا أَيْضًا الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْهَا، وَسَاقَ مِنْهَا إلَى قَوْلِهِ: «وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مَا قَدْ عَلِمْت» قَوْلُهُ: (مَعْلُومَاتٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الرَّضَاعِ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِعَدَدِ الرَّضَعَاتِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الظَّنُّ بَلْ يُرْجَعُ مَعَهُ وَمَعَ الشَّكِّ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْعَدَمُ
قَوْلُهُ: (وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ) بِضَمِّ الْيَاءِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ تَأَخَّرَ إنْزَالُ الْخَمْسِ الرَّضَعَاتِ، فَتُوُفِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ قُرْآنٌ يُقْرَأُ. قَوْلُهُ: (فُضُلًا) بِضَمِّ الْفَاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ الْخَطَّابِيِّ: أَيْ مُبْتَذِلَةً فِي ثِيَابِ مِهْنَتِهَا، انْتَهَى. وَالْفُضُلُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ: الَّذِي عَلَيْهِ ثَوْبٌ وَاحِدٌ بِغَيْرِ إزَارٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَيْ مَكْشُوفُ الرَّأْسِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ الرَّضْعَةِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ حَزْمٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الرَّضَاعَ الْوَاصِلَ إلَى الْجَوْفِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَإِنْ قَلَّ وَقَدْ حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْإِمَامِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْعِتْرَةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَمَالِكٍ وَزَيْدِ بْنِ أَوْسٍ، انْتَهَى.
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ قَالَ الْمَغْرِبِيُّ فِي الْبَدْرِ: وَزَعَمَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَلِيلَ الرَّضَاعِ وَكَثِيرَهُ يُحَرِّمُ مِنْهُ مَا يُفْطِرُ الصَّائِمَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، انْتَهَى
وَحَكَى ابْنُ الْقَيِّمِ عَنْ اللَّيْثِ أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ إلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ، فَيُنْظَرُ فِي الْمَرْوِيِّ عَنْهُ مِنْ حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُ يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يَحْكِيَ الْعَالِمُ الْإِجْمَاعَ فِي مَسْأَلَةٍ وَيُخَالِفَهَا وَقَدْ أَجَابَ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي عَنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا أَهْلُ الْقَوْلِ بِأَجْوِبَةٍ: مِنْهَا: أَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لِكَوْنِ الْخَمْسِ الرَّضَعَاتِ قُرْآنًا، وَالْقُرْآنُ شَرْطُهُ التَّوَاتُرُ وَلَمْ

الصفحة 369