كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

يسقط في حق القريب بمرور الزمان، ومع ذلك منعها؛ فالدين الذي لا يسقط بحال بذلك أولى، وهذه الطريقة في "المهذب" لم يحك الغزالي غيرها تبعاً لإمامه؛ فإنه قال: ديون الآدميين تمنع [وجوب] زكاة الفطر وفاقاً، ولو ظن ظان أنها لا تمنعها على قول كما لا تمنع وجوب الزكاة كان مبعداً، ووراءها طرق:
إحداها: أن القولين في زكاة المال فيها.
والثانية: أنها تجب قولاً واحداً؛ لأن زكاة الفطر [تجب في الذمة لا تعلق لها بالمال؛ فلا يؤثر فيها الدين.
وهذان الوجهان حكاهما المتولي، وإلى الثانية منهما ميل كلام العراقيين في كتاب زكاة الفطر] تبعاً لظاهر النص فيه؛ حيث قال: ولو مات حين أهل شوال وله رقيق فزكاة الفطر عنه وعنهم في ماله مبدأٌ على الدين وغيره من ميراث ووصايا.
والثالثة- قالها القاضي الحسين في باب الدين مع الصدقة- إنا إن قلنا: [إنه يمنع] زكاة المال، فزكاة الفطر أولى، وألا فوجهان، والفرق: أن محل زكاة الفطر: الذمة، والدين محله الذمة، فلما اجتمعا في محل واحد دفع أحدهما الآخر بخلاف زكاة المال؛ فإنها تتعلق بالعين والاحتياج إلى الكسوة في ليلة العيد ويومه كالاحتياج إلى النفقة فيهام؛ فيعتبر أن يكون ما يؤديه في الفطرة فاضلاً عنها؛ لأن ذلك لا يباع في الدين ففي الفطرة أولى، وهذا ما صرح به في التتمة، وهو مما لا خلاف فيه كما قال الرافعي، وإن كان الشافعي-رحمه الله-وجمهور أصحابه لم يتعرضوا له، بل اقتصروا على ما ذكره الشيخ.
وقال الإمام: الذي أراه أن المعتبر أن يكون المؤدي في الفطرة فاضلاً عنه هو المعتبر في الكفارة، والعبد لخدمته لا يلزمه إعتاقه عن كفارته المرتبة، قال: وقد رأيت من الأصحاب في أنه غير معتد به في الفطرة أيضاً، وحينئذ فالمسكين المحتاج إليه أولى من العبد. نعم، قد ذكرنا أن الصحيح: أن عبد الخدمة في حق من أخرج

الصفحة 10