كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

وقد أفهم قول الشيخ: "ووجد ما يؤدي عنهم"، أن من ملك عبداً لا مال له بعد قوت يوم العيد وليلته، [وصاعاً يخرجه عن نفسه غيره] – أنه لا تجب فطرته، وقد حكى الإمام فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: هذا؛ لأنه لو وجب عليه بيع جزء منه لأجل فطرته لأدى إلى اتحاد المخرج والمخرج عنه.
والثاني أنها تجب، وهو الذي ذهب إليه الأكثرون كما قال الإمام في موضع من هذا الباب وقال [في آخر منه: إنه المذهب] الظاهر. ولم يحك القاضي أبو الطيب في "شرح الفروع" غيره؛ فإن المعتمد في المال المعتبر في إيجاب الفطرة: أن يفضل عن القوت يوم العيد مقدار الفطرة والعبد في نفسه فاضل عن القوت.
والثالث: [إذا كان العبد مستغرقاً بالخدمة] [فلا فطرة لتعذر تقدير بيعه، وإن لم يكن الرجل محتاجاً إلى الخدمة] فالعبد كسائر الأموال وهذا ما ادعى الرافعي أنه الأظهر.
وأنت إذا أفردت كل حالة من حالتي العبد كان لك فيها وجهان وقد حكاهما البغوي فيما إذا كان العبد مستغرقاً لخدمته وصحح المنع كما تقدم وحكاهما في "الوسيط" فيما إذا كان مستغنياً عن خدمته وأبدى الإمام على قول من لمي وجب الفطرة فقهاً فقال: قد يقال لهذا القائل: مقدار الصدقة من الرقبة إن كان ينقص عن المالية فالزائد عليه يجب أن يخرج قسطه من الفطرة عنه؛ تخريجاً على إيجاب الفطرة عن العبد المشترك، وهذا ما لابد منه ولكن الذي أطلقه الأصحاب نفي الزكاة في وجه، ولست أرى ذلك وجهاً؛ ولأجل ذلك حكى في "الوسيط" في الصورة التي حكى فيها الخلاف، وهي ما إذا كان مستغنياً عن خدمة العبد وجهاً ثالثاً، قال: وهو الأعدل وإن لم يكن محكياً على هذا الوجه- أنه إن استغرق الصاع قيمته فلا يخرج وإن كان عشرة مثلاً يشتري بتسعة أعشار صاع فليخرجه عن الباقي بعد بيع العشر؛ لأن من لا يملك إلا تسعة أشعار عبد يلزمه تسعة أعشار صاع فلا يؤدي إلى الاتحاد المحذور، وقد قال في "التتمة": إن قلنا: إن العبد المحتاج إليه للخدمة يباع في فطرة السيد، فهل يباع بعضه في فطرة نفسه؟ فيه وجهان. وهذا الترتيب قد أبداه

الصفحة 21