كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

قال الرافعي: وصاحب الوجه الأول قد يمنع في هذه الصورة كونها تصير ديناً في الذمة، [وإن أراد أنها تكون ديناً في الذمة] في الجملة فنفقة القريب كذلك، وهذا الوجه حكاه أبو إسحاق المروزي، وقال الإمام: إنه من غلطات المذهب. فإذا قلنا به قدم فطرة نفسه ثم من ذكرناه.
قال البندنيجي والمتولي: والمذهب تقديم فطرته على فطرتها.
والوجهان متوافقان على تقديم فطرتها على الأقارب، وقد حكى وجه يعزى إلى ابن أبي هريرة: أنه يقدم فطرة نفسه ثم أقاربه ثم الزوجة؛ لأن علقة القرابة لا تنقطع، بخلاف الزوجية، وقال الإمام: هذا لا أرى له وجهاً، ولم يذكره إلا بعض المصنفين.
قال: وقيل: يبدأ بفطرة نفسه ثم هو بالخيار في حق غيره؛ لقوله-عليه الصلاة والسلام -: "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول"، قال الإمام وهذا لا وجه له عندي.
وقيل: هو بالخيار في حق نفسه وحق غيره، لأن كل واحد لو انفرد لوجبت فطرته، وقال الإمام: لعل قائله تلقى مذهبه من مذهب الإيثار في النفقة لما رأى الفطرة متلقاة من النفقة، وهو ساقط من جهة أن الفطرة قربة ولا إيثار في القرب، ولست أعرف خلافاً في [أن] من وجد من الماء ما يكفيه لطهارته لم يكن له أن يؤثر به رفيقه ليتطهر به وما يتخيله من أمر النفقة لا أصل [له]؛ فإنا لم نتبع الفطرة النفقة على معنى معقول حتى [يلزم تنزيل] الفرع على الأصل إن كان ينتظم ذلك، وإنما اتبعنا فيه الخبر.
وادعى الشيخ أبو حامد- رحمه الله – أن هذا الوجه ظاهر المذهب؛ لأنه قال في "المختصر": ومن دخل عليه شوال وعنده قوت وقوت من يقوت يومه وما يؤدي به زكاة الفطر عنه وعنهم أداه فإن لم يكن عنده بعد قوت اليوم إلا ما يؤدي عن بعضهم [أدى عن بعضهم]. فأطلق الأداء عن البعض إطلاقاً؛ فدل على تخيره.
وال الرافعي: إنه الذي رجحه القاضي الروياني، فإذا قلنا به لمن أراد أن يوزع الصاع هل له أن يفعل ذلك؟ نقل الإمام [فيه] وجهين، ووجه الجواز: صيانة البعض عن

الصفحة 24