كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

إذا قلنا]: إنه يتحمل، أما إذا قلنا: إن الوجوب يلقاه ابتداء، فلا يظهر جريانه؛ إذ لا أثر له؛ فإن من [لم يخرج] عنه إذا كان موسراً – وهو إنما يتصور في الزوجة – لا يجب [عن نفسه على هذا القول كما سيأتي ومن أخرج عنه غير مثاب، والله أعلم.
تنبيه: قول الشيخ: "فإن وجد بعض ما يؤدي عن البعض"، ظاهره أنه وجد ما يؤدي عن بعض من تلزمه نفقته مع وجدانه ما يؤديه عن فطرة نفسه، وإذا كان كذلك لم يستقم قوله من بعد: "وقيل: يقدم فطرة الزوجة على فطرة نفسه"؛ فإن هذا القول يقتضي أن الموجود صاع واحد لا غير، وأيضاً فإنه جعل الشرط في وجوب فطرة من تلزمه نفقته أن تكون فطرة نفسه قد وجبت عليه وإذا وجب عليه إخراج الصاع الذي قدر عليه عن زوجته لم تكن فطرة زوجته قد وجبت عليه وجواب هذا أنه أراد: من صلح لأن تجب عليه فطرة نفسه في الجملة وجب عليه فطرة كل من تلزمه نفقته ... إلى آخره، والله أعلم.
قال: وإن زوج أمته بعبد أو حر معسر أي: وسلمها إليه ليلاً أو نهاراً، أو تزوجت موسرة بحر معسر- ففيه قولان.
القولان في هذه المسألة بالنقل والتخريج؛ لأن الشافعي – رحمه الله – نص كما حكاه البندنيجي وغيره فيما إذا زوج أمته من عبد أو مكاتب أو حر معسر على وجوب فطرتها على سيدها، وقال في الحرة إذا تزوجت بحر معسر: "لا يبين لي أن تجب عليها؛ لأنها مفروضة على غيرها"، فاختلف الأصحاب لأجل ذلك في المسألة، فالأكثرون منهم – كما قال الماوردي والإمام – قالوا: لا فرق بين الحرة والأمة؛ لأن الحرة من نفسها بمنزلة الأمة من مولاها؛ لأن نفقة الحرة قبل التزويج على نفسها في مالها، ونفقة الأمة قبل التزويج على مولاها في ماله، فإذا قال الشافعي – رحمه الله – في المولى: "يجب عليه زكاتها"، وجب أن يكون على الحرة في مالها، وإذا قال في الحرة: "لا تجب عليها"، وجب ألا يكون على المولى، فحينئذ يكون في المسألة قولان كما حكاهما الشيخ رحمه الله.
قال: أحدهما: يجب على السيد فطرة الأمة، وعلى الحرة فطرة نفسها؛ لأن الزوج المعسر الذي لا يقدر على إخراج الزكاة بمنزلة المعدوم، ولو لم يكن لها زوج وجبت على المولى والحرة؛ فكذلك هاهنا.

الصفحة 26