كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

والثاني: لا تجب؛ لأنها زكاة واجبة على الزوج، فوجب أن تسقط بعجزه عنها كزكاة نفسه. قال القاضي أبو الطيب: وفي "المهذب" و"البحر": وقد قال بعض أصحابنا: إن القولين ينبنيان على أن زكاة الفطر تجب على الزوج بطريق التحمل أو ابتداءً؟ فإن قلنا: تحملاً، فإذا لم يكن من أهل التحمل بقي وجوبها على السيد والحرة، وإن قلنا: تجب ابتداءً، سقطت، ولا تجب على المولى والحرة. وهذا لذي قاله هو الذي قاله البندنيجي وابن الصباغ والقاضي الحسين والفوراني والغزالي لا غير، وفيه نظر من وجهين:
أحدهما: أن الخلاف في أن الفطرة تجب على الزوج تحملاً أو ابتداء [فيه] وجهان، فكيف يمكن بناء القولين على وجهين؟ وهذا يمكن جوابه من وجهين:
أحدهما: أنا قد ذكرنا أن بعضهم أثبت الخلاف قولين، وعلى هذا لا إشكال.
والثاني: أنا وإن سلمنا أنه وجهان، فالوجهان مخرجان من أصول الشافعي – رحمه الله – وحينئذ فلا يمتنع بناء قوليه على أصليه، والله أعلم.
النظر الثاني: أنا قد حكينا عن رواية الرافعي عن أبي عباس الروياني: أنا إن قلنا: إنها وجبت بطريق التحمل، فهل المؤدي كالضامن أو كالمحال عليه؟ فيه قولان، فإن قلنا: إنه كالضامن – وهو ما حكيته عن البندنيجي [و] صاحب "البحر" لا غير- اتجه ما قالوه من البناء على بعد، وإن قلنا: إنه كالمحال عليه، فلا وجه لمطالبة المحتمل عنه عند إعسار المحتمل؛ كما لا مطالبة [للمحتال] على المحيل عند إعسار المحال عليه.
قال: وقيل: تجب على السيد ولا تجب على الحرة؛ وهو ظاهر المنصوص، أي: في المسألتين؛ لأن المولى لا يلزمه تسليم الأمة إلى زوجها نهاراً، وإنما يلزمه ذلك ليلاً، فإذا أسلمها نهاراً كان متبرعاً به، فلم تسقط بذلك زكاة واجبة عليه، وليس كذلك الحرة؛ فإنه يجب عليها بالعقد تسليم نفسها إلى زوجها ليلاً ونهاراً، فانتقلت فطرتها عنها بغير اختيارها فلم تعد إليها، ولأن الأمة اجتمع فيها في التحمل سببان: الملك والزوجية، والملك أقوى بدليل تقديمه في الاستخدام على النكاح؛ فإن السيد يسافر بها دون إذن الزوج، ولا يسافر بها الزوج إلا بإذن السيد؛ فتعلق الوجوب بالسبب الأقوى، ولا كذلك الحرة؛ فإنه لم يوجد في حقها إلا

الصفحة 27