كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

فنقول له: قوت مخرج عن صدقة الفطر؛ فكان مقدراً بالصاع كالتمر.
قال: بصاع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما روى النسائي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المكيال على مكيال أهل المدينة، والوزن على وزن أهل مكة"، وصاع المدينة هو صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: وهو خمسة أرطال وثلث بالبغدادي، كذا ذكره الترمذي والشافعي، واستدل له الماوردي وأبو الطيب وغيرهما بقوله – عليه السلام – لكعب بن عجرة وقد آذاه هوامٌّ رأسه "احلق، ثم اذبح شاة نسكاً، أو صم [ثلاثة أيام، [أو أطعم] ثلاثة آصع] " كما أخرجه البخاري ومسلم، وروي أنه قال له: "أو أطعم ستة مساكين فرقاً من زبيب" كما أخرجه أبو داود، ووجه الدلالة من ذلك: أن القصة واحدة، وقد نقل عنه – عليه السلام – أنه أمره بثلاثة آصع، وقد نقل [عنه] أنه أمره بفرق، والفرق –بتحريك الراء -: ستة عشر رطلاً، [كما قاله القتبي في كتاب الأشربة؛ فدل ذلك على أن ثلاثة آصع ستة عشر رطلاً]: إما لكون النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة آصع فرق، أو يكون السامع عبر عن الفرق [بالآصع وعن الآصع بالفرق]، وهو يدل على استوائهما.
وأوضح من هذا الدليل [قول مالك]: أخرج لي نافع صاعاً وقال: هذا صاع أعطانيه [ابن عمر وقال: هذا صاع] رسول الله صلى الله عليه وسلم فعيَّرته به، فكان بالعراقي خمسة أرطال وثلثاً.
وروي أن الرشيد – رحمه الله – حج ومعه أبو يوسف، فلمّا دخل المدينة جمع

الصفحة 37