كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

وتسعون درهماً وثلث درهم.
قلت: و [هذا] بناء على أن الرطل البغدادي مائة وثلاثون درهماً، وقد تقدم أن الصحيح خلافه، والأصل فيه – كما قال ابن الصباغ -: الكيل، وإنما قدره العلماء بالوزن استهاراً. [قلت]: وعليه يدل قول الشافعي – رحمه الله –في [أوائل] كتاب الزكاة من القديم: والصاع خمسة أرطال وثلث، زيادة شيء أو نقصانه. قال البندنيجي وغيره: عنى به أنه يختلف باختلاف الكيل بحسب خفته وثقله، فلو كان الاعتبار بالميزان لما وجبت الزيادة، ولما جاز الننقصان، فلو أخرج خمسة أرطال وثلثاً، وهو لا يعلم أنه صاع – لم [يجزئه. انتهى].
وقال في "البحر": إن جماعة من أصحابنا غلطوا حيث قالوا: يعتبر الوزن.
وما غلَّطهم فيه هو الذي أورده الإمام في باب زكاة الثمار حيث قال: ثم الذي لا نستريب فيه أن الصاع والمد لا يعني بهما ما يحوي المد وغيره، وإنما هو مقدار موزون مضاف إلى الصاع والمد؛ فإن الصيعان يبعد ضبط أجوافها على وتيرة حتى لا تتفاوت؛ فقد تكون متسعة الأسافل متضايقة الأعالي على تخريط؛ فيعسر تساوي صاعين. ثم تفاوت الأوزان في الأنواع ليس من النادر الذي تسامح فيه، وكنت بمكة أرى ملء صاع من الحنطة المجلوبة من سراة تزن خمسة أمناء، ومثل ذلك بعينه من الحنطة المضرية أربعة أو أقل، فإذا اتفق الأئمة على مقدار موزون دل على أنهم عنوا بالصاع هذا المقدار، فالصاع في الفطرة: خمسة أرطال وثلث، ولا ينبغي للفقيه في هذا المقام أن يلاحظ التساوي [المرعي] في الربويات.
قال الرافعي في كتاب الظهار: اعلم أن في قدر الفطرة ونحوها نوع إشكال؛ لأن الصيدلاني وغيره من الأئمة ذكروا أن الاعتبار في ذلك بالكيل دون الوزن، وأرادوا به أن المقدار [الذي] يحويه الصاع يختلف وزنه باختلاف جنس المكيل ثقلاً وخفة، والواجب الذي يحويه المكيال بالغاً ما بلغ، وذكر بعضهم [أن] الذي نقل في وزن الصاع كأنه اعتبر فيه البر والتمر، وقضية هذا الكلام: أن يجزئ من الشعير مادون ذلك المقدار في الوزن إذا ملأ الصاع، لكن اشتهر عن القاسم بن سلام [ثم] عن ابن

الصفحة 39