كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

"المؤمنون عند شروطهم"، ولأن الاعتكاف يصح مع الخروج شرعاً للغائط والبول؛ فكذلك يصح معه شرطاً.
وعن صاحب "التقريب" والحناطي حكاية قول آخر: أنه لا يصح؛ لأنه شرط يخالف مقتضى الاعتكاف المتتابع؛ فيلغو؛ كما لو شرط أن يخرج للجماع؛ فإنه يلغو الشرط بلا خلاف حتى يكون خروجه له كخروجه بغير شرط؛ كما حكاه الماوردي والبندنيجي وغيرهما، والصحيح الأول، وهو الذي اقتصر على إيراده الجمهور، [و] قالوا: ويخالف ما إذا شرط الخروج من الحج؛ حيث لا يعتبر على قول يأتي؛ فإنه يلزم بالشروع؛ فيصير كالواجب بأصل الشرع.
وصورة شرط الخروج أن يقول: لله علي أن أعتكف شهراً متتابعاً، بشرط أن أخرج لما يعرض لي من زيارة قادم، وعيادة مريض، وصلاة جمعة، ونحو ذلك، أو يقول: إن عرض لي عارض خرجت له. فإذا عرض له عارض، وهوكل شغل ديني او دنيوي، [لا كالنظارة والتنزه]، فخرج له – لم يضره، ويجب عليه عند انقضائه العود إلى الاعتكاف، وهذا بخلاف ما لو شرط: إن عرض له عارض قطع الاعتكاف؛ فإنه يصح – أيضاً – ولا يجب إذا خرج لأجل العارض العود بعد زواله؛ قاله القاضي أبو الطيب وغيره.
والفرق: أن الخروج لا يمنع البناء متى عاد، وقعط الاعتكاف يمنع من البناء، ويوجب الاستئناف، وكأنه إنما نذر مدة مقامه قبل عروض العارض.
ثم إذا عاد بعد الخروج الذي شرطه، هل يجب عليه تجدي النية؟ فيه خلاف ذكره أبو علي، والأظهر: المنع، ولا يعتد له بحال خروجه من مدة الاعتكاف الذي نذره إلا أن يكون الزمن معيناً.
وقد ألحق الأصحاب الاشتراط في الصلاة والصوم بالاعتكاف؛ قاله أبو الطيب وغيره، وعبارة البندنيجي: أنه إذا شرط شرطاً لا ينافي الاعتكاف: كقوله: إن عنَّ لي سفر أو عرض لي مرض خرجت، كان علي [ما] شرط.

الصفحة 460