كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

الاحتراز عن الخروج بالاعتكاف في الجامع، فإذا لم يفعله بطل بخروجه للجمعة؛ كما لو صام في الكفارة المتتابعة شعبان.
ومنهم من نفي الخلاف فيه، وقال: نصه في "البويطي" محمول على ما إذا عين مسجداً يعتكف فيه، لا يبطل إذا خرج إلى غيره؛ حكاه القاضي الحسين.
ولا خلاف في أنه إذا أحرم بالحج بعد أن دخل المعتكف، وخرج لأجل إتمامه – في بطلان تتابعه؛ لأنه الذي ورّط نفسه فيه. نعم، هل يجوز له الخروج لأجله؟ ينظر: فإن كان وقته واسعاً بحيث يمكنه أن يتم اعتكافه ثم يخرج إليه، لم يخرج؛ وإن كان وقت الحج مضيقاً بحيث إن أتم اعتكافه فاته، وجب عليه الخروج، وانقطع التتابع. وإنما كان كذلك؛ لأن الحج وجب بالشرع، والاعتكاف وجب بالنذر، وتقديم ما وجب بالشرع أولى؛ فلو لم يخرج حتى أتم مدة الاعتكاف برئ منه، وإن كان آثماً بالمكث.
تنبيه: [قول الشيخ]: "وإن خرج لما له منه بد" يفهمك أن المسألة مصورة في عيادة المريض بما إذا لم يكن قريباً للميت، أو قريباً له وله من يقوم به، أما إذا كان من ذوي رحمه، وليس له من يقوم به غيره، فهذا مما لابد منه؛ فيكون من القسم الأول، وقد صرح به الماوردي، وقال: إنه مأمور بالخروج لذلك. وكذلك لو لم يكن له من يدفن قريبه الميت غيره، عليه الخروج، فإذا عاد بني على اعتكافه، وفيهما وجه: أنه يستأنفه.
قال:- وإن خرج لما لابد له منه، فسأل عن المريض في طريقه، ولم يعرج – جاز؛ لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم [كان] إذا خرج من الاعتكاف يسأل عن المريض مارًّا، ولا يعرِّج عليه، وهذا متفق عليه إذا لم يقف، فإن وقف، وطال

الصفحة 463