كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

أوجر الطعام في فيه قهراً. وذكر فرقا لا احتفال به.
قلت: ويظهر أن يقال في الفرق: إن الصوم عبارة عن الإمساك عن المفطرات مع أشياء أخر، ومن أُوجِرَ الطعام في فيه قهراً]، لا ينسب إليه فعل فهو ممسك فحد الصوم موجود فيه حقيقة. والاعتكاف عبارة عن اللبث في المسجد مع أشياء أخر، وهو في حال إخراجه محمولاً، لم يكن في المسجد، فلم يوجد الاعتكاف الشرعي في حقه حقيقة؛ فلذلك حكمنا بالإبطال، على أنا قد حكينا في الصوم طريقة أخرى طاردة للخلاف في الصوم بلا فرق.
وإن كان مكرهاً على الخروج بحق، قال القاضي الحسين: فمنهم من قال: [يبطل اعتكافه، ومنهم من قال:] لا؛ لأنه غير مختار، ومحمول عليه، وقد نص الشافعي على أنه إذا خرج ليقام عليه الحد، فإذا رجع بنى، ومعلوم أنه كان ظالماً في السبب الذي ألزم به الحد ابتداء.
قال: وإن باشر فيما دون الفرج بشهوة، أي: كما إذا قبل أو لمس أو فاخذ ونحو ذلك مما ينقض الوضوء وفاقاً، أو على رأي كما قاله الإمام- ففيه [قولان]:
وجه البطلان بها: قوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187]، ولم يفصل بين أن يكون في الفرج أو في غيره؛ ولأنها مباشرة حرمها الاعتكاف، فوجب أن يفسد بها كالجماع؛ ولأنه عبادة تمتد ليلاً ونهاراً؛ فوجب أن يكون للمباشرة فيها تأثير؛ دليله: الحج، وتأثيرها [فيه في] الفدية، وهاهنا الإفساد.
قال القاضي أبو الطيب: وهذا ما نص عليه في "الإملاء"، سواء أنزل أو لم ينزل.
وقال القاضي الحسين: إن لفظ الشافعي [فيه]: "ويحتمل أن يكون قوله تعالى محمولاً على جميع أنواع المباشرة"، وإنه قال في كتاب الصيام: "ولا يباشر المعتكف؛ فإن فعل أفسد".

الصفحة 467