كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

ثالثاً يجمع فيه بين الصوم والاعتكاف، ويقول: إنه يبطل إن أنزل، ولا يبطل إن لم ينزل، وإن الذي ذهب إليه جمهورهم: المنع من هذا التخريج، وجعلوا الفرق بينهما: أن المباشرة في الاعتكاف حرام، وفي الصوم حلال، فلما افترقا في التحريم، جاز أن يفترقا في الإفساد. قال: وفي المسألة لأصحابنا طرق وهذه أصحها.
وكأنه – والله أعلم – يشير [إلى ما] حكاه القاضي الحسين وغيره في محل القولين؛ حيث قالوا: اختلف أصحابنا في محلهما:
[فقيل: محلهما] إذا لم ينزل، أما إذا أنزل، فيبطل قولاً واحداً.
[وقيل: محلهما: إذا أنزل أما إذا لم ينزل فلا يفسد قولاً واحداً].
وبذلك يحصل في المسألة أربع طرق، وقد حكى الغزالي القولين في حالة عدم الإنزال، وقال: أحدهما: أنه يحرم، ويفسد؛ كما في الحج. وهذا فيه نظر؛ لأن ذلك يفسد الحج [بل وجهه: عدم الإفساد، وهو المقيس على الحج]. نعم، لو قال أحدهما: أنه يحرم، ويؤثر فيه كما في الحج – كما ذكرنا – لا يبقى هذا الاعتراض، ولعله مراده.
وقد يقال في جوابه: إن في كلامه تقديماً وتأخيراً، وتقديره: يحرم كما في الحج ويفسد.
وقال فيما إذا أنزل: الصحيح: أنه يفسد، وقيل بطرد القولين، والفرق على هذه الطريقة بينه وبين الصوم: أن هذه الاستمتاعات محرمة لعينها، وفي الصوم لغيرها، وهو خوف الإنزال؛ ولهذا يرخص فيه لمن لم تحرك القبلة شهوته.
وعند الاختصار يجيء في المسألة ثلاثة أقوال أو أوجه؛ ثالثها: إن أنزل فسد، وإلا فلا.
قال الرافعي: وهو المفهوم من كلام الأصحاب بعد الفحص: أنه أرجح، وإليه ميل أبي إسحاق المروزي وإن استبعده صاحب "المهذب" ومن تابعه.

الصفحة 469