كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

أما القول بالإفساد عند الإنزال، فقد أطبق الجمهور على أنه أصح.
وأما المنع عند عدم الإنزال، فقد نص على ترجيحه المحاملي والشيخ أبو محمد والقاضي الروياني وغيرهم.
ولا خلاف في أن المباشرة إذا كانت بغير شهوة: كاللمس ناسياً أو عن قصد الكرامة، كما إذا قبله لذلك: أنها لاتفسده؛ لما روت عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلى رأسه فأرجله".
ولو استمنى بيده، فقد قدمت ما قيل فيه في أول الباب، والله أعلم.
قال: وإن خرج إلى المنارة الخارجة من المسجد – أي: ليؤذن فيها – لم يضره؛ لأنها بنيت للمسجد؛ فأشبهت المنارة في المسجد أو في رحبته؛ وهذا [ظاهر] ما نص عليه في "المختصر"؛ فنه قال: "ولا بأس إذا كان مؤذناً أن يصعد المنارة وإن كان خارجاً".
وقيل: يضره؛ فينقطع تتابعه؛ لأنه لا يجوز له الخروج إليها لأجل صلاة الجنازة ولا غيرها، ولو خرج ضره؛ فكذلك الأذان.
وهذان الوجهان لم يحك الماوردي والبندنيجي غيرهما، والقائل بالثاني قال: مراد الشافعي ما إذا كانت المنارة في رحبة المسجد؛ لأن رحبته بمنزلة داخله.
وقيل: إن كان الناس قد ألفوا صوته في الأذان، ووثقوا به في معرفة الوقت، لم يضره؛ لأن الحاجة تدعو إليه لإعلام الناس بالوقت، وإلا فلا؛ وهذا ما حكاه القاضي [أبو الطيب] عن أبي إسحاق المروزي، وأنه حمل عليه نص الشافعي في "المختصر" الذي حكيناه، واختاره في "المرشد"، ولم يحك أبو الطيب سواه والذي قبله.
والمنارة في رحبة المسجد، كالمنارة في المسجد؛ فلا يضر الخروج إليها لأذان ولا غيره وجهاً واحداً لأنه يجوز الاعتكاف فيها صرح به الماوردي والبندنيجي وابن الصباغ وغيرهم، اللهم إلا ان يكون بينها وبين المسجد طريق؛ فإن الكرخي

الصفحة 470