كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

بعض ما يضاد الاعتكاف وهو الخروج من المعتكف فيه دون ما عداه؟ وقد تكلم فيه غيره، فقال: إذا قطع النية وهو في المسجد، هل يبطل اعتكافه أم لا؟ فيه ما تقدم.
وطرآن الجنون لا يبطله؛ كما نص عليه في "الأم"، ولم يحك الماوردي والفوراني [غيره]، وألحق به الإغماء، وخص الرافعي ذلك بما إذا لم يخرجا من المسجد، فإن أخرجا منه، نظر: فإن لم يكن حفظهما فيه، فالأمر كذلك؛ كما لو حمل العاقل، فأخرج مكرهاً، وإن أمكن لكن شق، ففيه الخلاف المذكرو في المريض إذا أخرج.
وفصل البندنيجي في المجنون، فقال: إن كان في سبب جنونه معذوراً، فالأمر كما تقدم، وألا فهو كالسكر، وقد نص الشافعي على أنه لو سكر، بطل اعتكافه، و [إن] من أصحابنا من قال: لا يبطل. وهذا بخلاف ما لو ارتد فإن المنصوص أنه لا يبطل اعتكافه ومن أصحابنا من قال: [إنه] يبطل، وقد اقتضت هذه العبارة حكاية خلاف في أن السكر والردة، هل يبطلان الاعتكاف أم لا؟ لكن المنصوص في أحدهما خلاف المنصوص في الآخر، ويوافقها في حكاية النصين هكذا فيهما عبارة القاضي أبي الطيب وابن الصباغ؛ حيث قالا: نص في "الأم" على أن الردة لا تبطل الاعتكاف، والسكر يبطله.
لكن القاضي قال: إن من أصحابنا من قال: لا يبطل الاعتكاف بالسكر؛ [لأن الردة لا تبطله] وهي أغلظ منه، وأراد الشافعي بقوله إذا خرج السكران من معتكفه؛ لأن الأغلب من أحوال السكران أنه لا يثبت في المسجد.
ومن أصحابنا من قال- وهم الأكثرون؛ كما قال ابن الصباغ -: من حمل كلام الشافعي على ظاهره، قال: الردة لا تبطل الاعتكاف؛ لأن الكافر من أهل اللبث في المسجد، [وأما السكر، فيبطل الاعتكاف؛ لأن الكسران ليس من أهل اللبث في المسجد؛] للآية، وهذه العبارة تقتضي الجزم بأن الردة لا تبطله، وهل يبطله السكر؟ فيه خلاف.
ويوافق العبارتين في حكاية النص في المسألتين عبارته في "الوسيط"؛ فإنه قال:

الصفحة 473