كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

الردة والسكر إذا قارنا الابتداء منعا الصحة؛ لتعذر النية، وإن طرآ [بعد،] فقد نص على أنه لا يفسد بالردة، ويفسد بالسكر، لكنه قال: إن الأصحاب اختلفوا فيهما على ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه لا يفسد بهما، وتأول نصه في السكر على ما إذا خرج لإقامة الحد.
والثاني: أنه يفسد بهما، وتأول نصه في الردة أنها لا تحبط ما مضى.
والثالث: وهو الأصح-: أنه يفسد بالردة؛ لفوات شرط العبادة، ولا يفسد بالسكر؛ كما لا يفسد بالنوم والإغماء.
والذي حكاه القاضي الحسين عن الشافعي يخالف ما ذكرناه؛ فإنه قال: نص في "عيون المسائل" على أنه لو اعتكف فسكر، فإذا أفاق - قال: ابتدأ، ولو ارتد، ثم أسلم - قال: بنى.
ثم قال صاحب "التلخيص": لا أعلم الشافعي جعل السكر أغلظ من الردة إلا في مسألتين، إحداهما: هذه.
قلت: ووجه المخالفة: أن هذه العبارة مصرحة بأن الكلام [في أنه] إذا عاد إلى الأهلية، هل يبني على ما مضى أو يستأنف، [لا أنا] نقول: إنه في حال قيام المانع معتكف أم لا، وحينئذ فيكون النص في الصورتين مصوراً بما إذا كان اعتكافه متتابعاً؛ فإنه لو لم يكن متتابعاً، لبنى في كلا الحالين بلا خلاف عندنا؛ ولأجل ذلك صور بعضهم المسألتين بما ذكرناه، وقال: طرآن الردة والسكر عليه إذا لم يخرج من المسجد حتى زال ذلك، هل يبطله أم لا؟ وفيه طرق مجموعة من كلام الأصحاب [و] تخرجي قول من كل مسألة إلى الأخرى، وجعلهما على قولين، وقد حكاهما الماوردي:
أحدهما: أنه لا يبطل بواحد منهما، إذا أسلم المرتد، وصحا السكران، بنيا؛ لأنهما لم يخرجا من المسجد.
[ومنهم من قطع بهذا، وقالوا: نصه في السكران محمول على ما إذا خرج

الصفحة 474