كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

وتعين] ما ذكرناه هنا؛ لوجهين:
أحدهما: أن العبد لا يخاطب بإخراجها؛ لأنه لا يملك شيئاً، وقد روى [مسلم] عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم [أنه قال]: "ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر".
والثاني: أن حمل قوله: "على كل حر" على الإيجاب يؤدي إلى التكرار لأن قوله في الابتداء: "على الناس" أفاد الإيجاب؛ فيجب أن يحمل على فائدة مجددة، وقد روى أبو داود عن ابن عباس-رضي الله عنهما- قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرةً لصائم من اللغو والرفث، وطعمةً للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" وأخرجه ابن ماجه.
والمذهب الثاني: أنها وجبت بكتاب الله تعالى، وإنما البيان مأخوذ من السنة كما أخذ بيان الأموال المزكيات، ومن روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضها؛ فمعناه: قدرها؛ كما قال في زكاة الإبل: "هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم" بمعنى: قدرها؛ لأن فرض زكاتها بالآية.
ومن قال بهذا اختلفوا بأية آية وجبت؟ على مذهبين:
أحدهما: بقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى] فإن سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز [قالا:] هي زكاة الفطر. [وقال عطاء: زكاة الفطر] وزكاة المال.
والثاني: بقوله تعالى: {وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} [البينة:5].
قال: وتجب زكاة الفطر على كل حر مسلم [فضل] – أي حالة وجوبها – عن

الصفحة 6