كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 6)

تجب عليه زكاة الفطر؛ فقد قال الأصحاب: إن لم يكن بينه وبين [مالك بعضه] الرقيق مهايأة وجب عليه من الفطرة بقدر من فيه من الحرية إذا ملك ذلك، فاضلاً عما يخص ما فيه من الحرية من قوته ليلة العيد ويومه؛ فإذا كان نصفه حراًّ وملك نصف صاع فاضلاً عن [نصف] قوته وجب عليه إخراجه؛ لأن جميعه لو كان حراً لوجب عليه صاع، ولو كان رقيقاً لوجب على مالكه؛ فوجب أن يوزع عليهما عند اجتماع الرق والحرية.
وإن كان بينهما مهايأة فهل تدخل زكاة الفطر فيها كما تدخل النفقة الراتبة، أو لا تدخل كما لا يدخل أرش الجناية التي يجنيها [فيها]؟ فيه وجهان في "الحاوي" وغيره، وقال: إن الأظهر- وهو الذي أورده جمهور أصحابنا-: عدم الوجوب. ولم يحك القاضي أبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ هنا غيره، لأن طريق المهايأة طريق المعارضة، ولا معاوضة في الفطرة، وعلى هذا يكون الحكم كما لو لم يكن بينهما مهايأة، سواء وجد وقت الوجوب في نوبة السيد أو العبد.
وقال الإمام: إن الخلاف في المسألة ينبني على أن المؤن النادرة هل تدخل في المهايأة أو لا تدخل؟ وفيها وجهان، فإن قلنا: تدخل، دخلت زكاة الفطر، وإن قلنا: لا تدخل، فهل زكاة الفطر من المؤن النادرة أو المؤن الدائرة؟ فيه وجهان: فإن قلنا بالأول- وهو الذي عليه الجمهور- فالحكم كما تقدم، وإن قلنا بالثاني وجبت على من حصل وقت الوجوب في نوبته، وهو ما ادعى الرافعي أنه الأظهر، اللهم إلا أن نقول: وقت الوجوب مجموع الوقتين، ووجد الغروب في نوبة أحدهما، وطلوع الفجر في نوبة الآخر؛ فإنها تجب عليهما لأنه لم ينفرد واحد منهما في نوبته بموجب الفطرة.
والخلاف الذكور مطرد فيما إذا كان عبدان اثنان وجرت بينهما مهايأة.
واحترز [الشيخ] بالمسلم عن الكافر الأصلي؛ فإنها لا تجب عليه للخبر، ولأنها طهرة للصائم، وليس للكافر أهلية التطهير ولا أهلية إقامة العبادات.
وأما المرتد ففيه الأقوال المذكورة في أول الكتاب، صرح به في "المهذب".

الصفحة 8