كتاب موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (اسم الجزء: 6)
"مر بالرفق عامة حتى مع الحيوانات، بله الإنسان والنساء بخاصة، فإن الا! هة ليس
لها من مظاهر الرفق كل المظاهر التى للحرة، فهما مشتركتان فى أصل المعاملة
الرحيمة، وإن كان بينهما تفاوت كما اقتضته حكمة الله فى أحكام كثيرة. قال
الالوسئ فى تفمسيره: وسوى فى السهولة واليسر بين الحرة الواحدة والسرارى من
غير حصر، لاقل! تبعتهن وخفة مئونتهن، وعدم وجوب القسم فيهن.
على أن المتصود من التمتع بملك اليمين هو الناحية الجنسية، أما المقصود
من الزواج، وهو تكوين الأ سر الم! ستقرة، فلا يكون إلا مع الحرائر، ولهذا نظمت
حقوقئهن وواجباتهن التى تتناسب مع مقصود الزواج. فالمملوكات، وإن كثرن،
لايراد منهن تكوين أسر، بل يراد التمتع بهن تمهيدا لتحريرهن إن حملن وولدن،
والا نتفاع المادى بالتجارة أو الخدمة. وما يترتب على عدم العدل بين الحرائر لا يوجد
بين الإماء، وإن وجد فبنمسبة تقل كثيرا، لا تؤثر فى جوهر الحياة الاجتماعية على
الرجل.
وقد بينت الاية حكمة الاقتصار على الواحدة، إن خيف عدم العدل، وهى
أن ذلك أقرب إلى عدم العول، والعول هو الميل المؤدى إلى الجور، مأخوذ من: عال
الميزان إذا مال. قال أبو طالب:
بميزان قسط لا يخيس شعيرة له شاهد من نفسه غير عائل (1)
وقيل: معنى " أدنى ألا تعولوا " أقرب إلى عدم الفقر، مأخوذ من: عال إذا
افتقر، وبالطبع يكون ا الإنفادتى على واحدة بعيدا عن مظنة الفقر، بالنسبة إلى
الإنفاق على أكثر من واحدة. وتفسير هذه الجملة مبسوط فى الجزء الرابع عند
الكلام على تحديد النسل، فيرجع إليه.
والاية تعطينا وجوب النظر والتفكير قبل الإقدام على الزواج الثانى، وقياس
الحالة المالية والنفسية والحالات الأ خرى على أعباء التعدد، فإن خيف عدم العدل
كان التعدد ممنوعا، وإذا ثان مجرد خوف الئللم كافيا فى المنع ف! جف إذا تحقوت
__________
(1) تفسير ابن كثير نقلا عن سيرة ابن هشام.
86