كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 6)

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: كل سهو وجب في الصلاة لزيادة أو نقصان فهو بعد السلام.
ش: أي خالف الفريقين المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: إبراهيم النخعي وابن أبي ليلى والحسن البصري وسفيان الثوري وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وأحمد في رواية؛ فإنهم قالوا: سجدتا السهو بعد السلام سواء كانت لزيادة أو نقصان، وهو مروي عن علي بن أبي طالب وسَعْد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعمار بن ياسر وعبد الله بن الزبير وأنس بن مالك - رضي الله عنهم -.
وذهبت طائفة أخرى أن الاحتياط في هذا أن يتتبع ظواهر الأخبار على الأحاديث؛ إن نهض من ثنتين سجد قبل السلام على حديث ابن بُحَينة، وإذا شك فرجع إلى اليقين سجد قبل السلام على حديث أبي سعيد الخدري، وإذا سلم من اثنتين سجد بعد السلام على حديث أبي هريرة، وإذا شك فكان ممن يرجع إلى التحري سجد بعد السلام على حديث ابن مسعود، وكل سهو يدخل عليه سوى ما ذكرناه يسجد قبل السلام سوى ما روي عن النبي - عليه السلام -، وإليه ذهب أحمد في رواية وسليمان بن داود الهاشمي من أصحاب الشافعي وأبو خيثمة.
وقال أهل الظاهر: لا يَسْجد إلا في المواضع الخمسة التي سجد فيها رسول الله - عليه السلام - فقط، وغير ذلك إن كان فرضًا أتي به، وإن كان ندبًا فليس عليه شيء، وكذا قاله ابن سيرين وقتادة، وهو قولى غريب عن الشافعي، وجمهور العلماء على أن التطوع كالفرض.
فإن قيل: لو سجد في السهو قبل السلام كيف يكون حكمه عند الحنفية؟
قلت: قال القدوري: لو سجد للسهو قبل السلام جاز عندنا. هذا في رواية الأصول، وروي عنهم أنه لا يجوز؛ لأنه أدّاه قبل وقته.

الصفحة 488