كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 6)

المدَّعي، وتزكية البينة [أيضاً، وغايةُ ما في الباب: أن المراد: نفيُ الظِّنةِ عنها، وإبطالُ التهمة] (¬1) حتى لا تكون الدعوى عليها مشتبهة، ولا قريبة من الصدق، ويكفي في هذا النوع هذا اللفظ، ولهذا -والله أعلم- التزمَ الموثقون (¬2) في الوثائق التي تُكتب بالتبرئة من التُّهم هذه الصيغةَ، فيقولون: لا يعلم شهودُه على فلانٍ إلا خيراً، وقولُ القائل: إنه ربما يُلقي كناسته في الطريق، فيعلم ذلك منه، وإلقاءُ الكناسةِ ليس من الخير، ولا من الشر، يريد القدحَ بذلك في (¬3) هذه الصيغة، غيرُ مستقيم؛ فإن المراد بقوله: "ما علمتُ عليه إلا خيراً" باعتبار ما يُسأل عنه، وما علمت شراً، ولابد مع (¬4) ذلك من حاطة ما ومباطنة (¬5).
ونُقل عن بعض السلف: أنه دُعي إلى الشهادة في مثل ذلك لمن لا يعرفه (¬6) ليتخلصَ من ظالم يطلبه، فقال للسائل: قل: لا إله إلا الله، فقالها، فشهد عند ذلك الظالم: أنه لا يعلم على هذا إلا خيراً و (¬7) هذا من المعاريض، وإلا، فلابد في جواز مثل هذه الشهادة من خبرة ومباطنة.
وكذلك قوله: لا أعلم له وارثاً، ولا أعلم له مالاً، كلُّه من قبيل واحد.
¬__________
(¬1) ما بين معكوفتين ليس في "ع" و"ج".
(¬2) في "ع": "الموفقون".
(¬3) "بذلك في" ليست في "ج".
(¬4) في "ج": "شراً يدفع".
(¬5) في "ع": "ومناطته".
(¬6) "لمن لا يعرفه" ليست في "ع".
(¬7) في "م": "أو".

الصفحة 39