ذكر الشواهد على الرضاع، وما عداه مَقيسٌ عليه.
ووجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بتَّ القولَ بأنه رضيعُ حمزة، وإن كان لم يدركِ الرضاع، وإنما سمعه سماعاً، وكذلك (¬1) عائشةُ بَتَّتِ القولَ بالرضاع في حق نفسِها، ولم تدرك ذلك إلا سماعاً، ومذهبُ مالك جوازُ شهادة السماع في الوقف والموت والملك، وشُرط في ذلك: طولُ الزمان، وانقراضُ الحاضرين غالباً، وقال: خمس عشرة سنة، وقيل: إن كان وباءٌ وانقراضٌ بسبب ظاهر، جاز في خمس عشرة سنة.
وأطلق النَّقَلةُ القولَ بذلك، وما أراه يشترط (¬2) ذلك في الموت، بل تجوز الشهادة به سماعاً على الفور؛ لأنه ليس مما يعاينه الجمهور غالباً، وما أراه اشترط (¬3) الطولَ إلا في الملك والوقف، وكذلك (¬4) الرضاع ما ينبغي اشتراطُ طولِ الزمان في قبول السماع الفاشي فيه، وكذلك النسب إذا اشتهر.
قيل لابن القاسم: أيشهد أنك ابنُ القاسم من لا يعرف أَبَاك؟ قال: نعم.
والأحاديث تدل على قبول شهادة السماع في الرضاع وإن لم يطل الزمان جداً، فإنَّ سِنَّ عائشةَ عند وفاته -عليه السلام- إنما كان ثماني عشرة سنة، ومع هذا كله ثبت القول بسماع الرضاع في حقها (¬5). هذا كلامه رحمه الله.
¬__________
(¬1) في "ج": "ولذلك".
(¬2) في "ع": "وما أراده بشرط".
(¬3) في "ع": "اشتراط".
(¬4) في "ع": "وكذا".
(¬5) في "ع": "حقه".