كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 6)

رجعَ إلى المدينة، وكذلك فعل أبو بكرٍ وعمرُ وعثمان -رضي اللَّه عنهم- (¬1).
وقد سُئِلَ ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- عن التقصيرِ؟ فقالَ: كان رسولُ اللَّه إذا خرجَ مِنْ منزلِه إلى مكةَ لا يزال يصلّي ركعتين حتَّى ينصرفَ، وكذلك كُتبَ إلى ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: إنَّا بفارس نقيم السنتين والثلاث فكم أصلي؟ قال ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما-: كان إذا خرجَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من منزلِه إلى بكة صلَّى ركعتين حتَّى يرجع، وأشباه ذَلِكَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه بعده -رضي اللَّه عنهم-، يُذْكرُ عنهم كنحو ما وصفنا من إجماع إقامة على عشرة، واثنتى ليلة، وعشرين ليلة، ومن بعدهم من التابعين مثل ذَلِكَ أيضا، ومنهم مَنْ قال: فأربعة أيام فقط، وأكثر أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والتابعين على أنهم كانوا يقيمون في أسفارِهم الأشهرَ والسنةَ والسنتين لا يصلون إلَّا ركعتين، فنرى -واللَّه سبحانه وتعالى أعلم- أن الأوائل أن الرجلَ إذا خَرَج مسافرًا من أهلِهِ لا يريدُ التوطنَ ببلدة يمر بها، ولا مقام به حيث قصدَ إليه حتَّى يرجعَ إلى منزله أن يصلِّي ركعتين، وإن طال مقامه في مصرٍ أو أكثر أو أقل؛ لأنَّ ذَلِكَ المقام لي بتوطن ولا اختيار دارٍ، فإذا لمْ يقل العالم بهذا القول فعدل يقول: كلُّ مسافرٍ قدم بلدةً فأجمع الإقامة بها أيامًا لا بشخص فمتَى يقضي نهمته مِنْ إقامة قلَّ أم كثر أن يصلِّي صلاةَ المقيمِ؛ لأن اسم الإقامة وإجماعها قد وقع عليه، وهذا أحب الأقاويل إليَّ أن يؤخذ بها؛ لأنَّ في ذَلِكَ يجمعُ الاختلاف والاحتياط إذا اختلفوا في توقيت الإقامةِ
¬__________
(¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 430، 431، وأبو داود (1229)، والترمذي (545)، والطيالسي (840)، (858)، وابن المنذر في "الأوسط" (2243)، (2295)، والطحاوي 1/ 417، والبيهقي 3/ 135 - 136، 151، 153. وقال الترمذي: صحيح وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (225).

الصفحة 555