كتاب الوكالة
تحريت فيها مذهب الشافعي رحمة الله عليه قال: قال الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} الآية [النساء: 16].
وهذا كما قال: الوكالة في اللغة التكفل بما يفوض إليه ويستناب فيه والوكيل الذي تكفل بما وكل به فيكفي موكله القيام. والوكيل في صفات الله تعالى الكفيل بأرزاق العباد. وقيل: الوكالة في اللغة اسم ينطلق على الحفظ والمراعاة لما على الوكيل من حفظ ما وكل فيه ومنه قوله تعالى: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} [النساء: 109] أي: حفيظًا والأصل في جوازها الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً} [الكهف: 19] وقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: 60] فجوز العمل عليها وذلك بحكم النيابة عن المستحقين. وقوله تعالى {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي} الآية: [يوسف 93] وهذه وكالة واحتج المزني فيها بقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} الآية فجعل قَيّم اليتيم وكيلًا له يتصرف في مصالحه بوكالة شرعية إلى وقت معلوم فدل على جوازها. وقال أيضًا: إذا جاز أن ينصب نائبًا في مال ولده فلأن ينصب [60 / ب] البالغ العاقل نائبًا في خاص ماله أولى.
وأما السنة فما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وَكَّلَل عمرو بن أمية الضمري ليقبل له نكاح أم حبيبة رضي الله عنها (¬1). ووكَّلَ أبا رافع في نكاح ميمونة رضي الله عنها (¬2). وَوَكَلَّ حكيم بن حزام وعروة البارقي في شراء شاة بدينار، وتمام الخبر:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى عروة البارقي رضي الله عنه دينارًا يشتري به أضحية أو شاة فاشترى شاتين وباع إحداهما بدينار فأتاه بشاة ودينار فدعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبركة في بيعهه" فكان لو اشترى ترابًا لربح فيه (¬3). وروي عن حكيم بن حزام رضي الله محنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معه بدينار ليشتري له أضحية فاشتراها بدينار وباعها بدينارين فربع فاشترى أضحية بدينار وجاء بدينار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فتصدق به النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعا له أن يبارك له في تجارته" (¬4).
¬__________
(¬1) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (13796)
(¬2) أخرجه مالك في "الموطأ" (1/ 348)، وأحمد (6/ 392)، والترمذي (841).
(¬3) أخرجه البخاري (3642)، وأبو داود (3385)، والترمذي (1258)، وابن ماجه (2402)، وأحمد (4/ 376).
(¬4) أخرجه أبو داود (3386)