كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 6)
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الشركة
تحريت فيها مذهب الشافعي رحمة الله عليه. قال المزني رحمه الله: "الشركةُ من وجوٍه".
الفصل
وهذا كما قال: الأصل في الشركة وجوازها الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقول الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الآية [الأنفال: 41] فأضاف الغنيمة إلى الغانمين ثم قطع منها الخمس لأهله فحصلت أربعة أخماس مشتركة بين الغانمين [43/ ب] والخمس مشترك بين أهله. وأيضاً قوله تعالى: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] وأيضاً قوله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} الآية [ص: 24]. والخلطاء هم الشركاء. وأما السنَّة ما روى جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان له شرك في رَبْعٍ أو حائط فلا يبعه حتى يُؤذن شريكه (¬1). وروي أن البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضي الله عنهما كانا شريكين فاشتريا فضة بنقد ونسيئة فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرهما أن ما كان بنقد فأجيزوه، وما كان نسيئة فردوه" (¬2). وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يد الله على الشريكين ما لم يتخاونا" (¬3). وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: يقول الله تعالى: "أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خان احدهما صاحبه خرجت من بينهما" (¬4) رواه أبو هريرة رضي الله عنه. وروى مجاهد أن قيس بن السائب رضي الله عنه قال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان شريكي في الجاهلية وكان خير شريك لا يشاري ولا يماري" (¬5) المشاراة اللجاج.
وأما الإجماع فلا خلاف بين المسلمين في جوازها. فإذا تقرر هذا ذكر المزني أنه تحرى كتاب الشركة على مذهب الشافعي وهذا يوهم أنه ليس للشافعي شيء في الشركة
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم (133/ 1608)، والترمذي (1312)، وأحمد (3/ 312، 315)، والحاكم (2/ 56).
(¬2) أخرجه أحمد (4/ 371).
(¬3) أخرجه الدارقطني (2/ 593)، وابن حبان في "المجروحين" (2/ 152).
(¬4) أخرجه أبو داود (3535)، والترمذي (1264)، والدارمي (2/ 264)، والحاكم (2/ 46).
(¬5) أخرجه أبو داود (4836)، وابن ماجه (2287)، وأحمد (3/ 425).
الصفحة 3
480