كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 6)

فاجتررتها فعليٌ في ذلك شيء، فقال: "إن لقيتها نعجةً تحمل شفرةً وزناداً بخبث الجميش [فلا تمسها" (¬1). الجميش (¬2)]: اسم موضع.
وروى يحيى بن عروة عن أبيه عروة أن رجلاً غصب أرضاً من رجل من بني بياضة من الأنصار فغرسها نخلاً "عُماً) فرفع ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر بقلعه وقال: "ليس لعرق ظالمٍ حق" قال عروة: فأخبرني من رأى الفؤوس تعمل في أصولها (¬3) وقال أيضاً: رأيتها وأنه لتضرب في أصولها بالفؤوس وإنه لنخلٌ عمُّ حتى أخرجت وقوله: عُماً يعني طوالاً وقيل: يعني عمَّت بخيرها ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عمَّتكم النخلة" (¬4) يعني عمت بخيرها وقيل: أراد أنها خلقت من فضل طينة أدم - صلى الله عليه وسلم - فصارت عمة في النسب.
وروى سعيد بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ظلم من الأرض شيئاً فإنها تطوقه من سبع أرضين" (¬5) وزاد جابر مرفوعاً: "وكلف نقل ترابه إلى المحشر" وروي: "من اقتطع شبراً من الأرض" (¬6) وروى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله من غيَّر منار الأرض" (¬7) وروي أنه قال: " لعن الله سارق المنار قيل: يا رسول الله وما سارق المنار قال: "يأخذ الرجل العلامة من أرض نفسه إلى أرض غيره" (¬8) وقال أيضاً: "ملعون من غير تخوم الأرض" (¬9) يعني حدودها وأعلامها. وأما الإجماع فلا خلاف بين المسلمين فيه. فإذا تقرر هذا فالأموال ضربان حيوان وغير حيوان فأما غير الحيوان فضربان: ما له مثل، وما لا مثل له فإن كان له مثل يلزمه رده إن كان باقياً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "على اليد ما أخذت حتى ترد" (¬10) وروي "حتى تؤديه" ويلزمه رد مثله إن كان تالفاً لقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة:194] وعلى هذا لو غصب قفيزاً من طعام قيمته دينار فرده أو ردَّ (13/ب) مثله وقيمته درهم لم يكن عليه غيره وهذا لأن الرجوع إلى المثل رجوع إلى المشاهدة والرجوع إلى القيمة
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد (5/ 72)، والبيهقي (11525)
(¬2) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(¬3) أخرجه الترمذي (1378)، والنسائي (5760، 5762)، وأبو داود الطيالسي (1440)، والبيهقي (11776).
(¬4) أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 256)، وابن عدي في ((الكامل)) (6/ 2424)، وابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1/ 184).
(¬5) أخرجه البخاري (2452، 3198)، ومسلم (140، 1610).
(¬6) أخرجه البخاري (3195)، ومسلم (1611).
(¬7) أخرجه مسلم (23/ 1978).
(¬8) أخرجه الحاكم (4/ 82)، والبيهقي (8/ 231)
(¬9) أخرجه أحمد (1/ 217، 317)، وابن حبان (53)، والطبراني في ((الكبير)) (11/ 218).
(¬10) أخرجه أبو داود (32561)، والترمزي (1269)، وابن ماجه (2400)، واحمد (5/ 8، 12، 13)، والدرامي (2/ 262)، والبيهقي (6/ 90، 95).

الصفحة 408