كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 6)

المشتري لقد باعه وهو ملكه لأنه لم يحصل من إقراره ما يكون تكذيباً لدعواه وبينته نص عليه في "الأم" حكاه القاضي الطبري وغيره ورأيت مشايخ آمل لا يقبلون هذه البينة، وكذلك قالوا: لو ادعى أن المبيع كان وقفاً عليه ولم يعلم هو لا تسمع دعواه ولا بينته والنص الذي ذكرنا أولى وعليه الفتوى وهذا لأن الإنسان قه يبيع ملكه وغير ملكه وقد يبيعه ولا يعلم الوقفية ثم يعلم.
مسألة (¬1):قال: "وإنْ كَسَرَ لنصراني صليباً".
الفصل
وهذا كما قال: الصليب موضوع على زعمهم أن عيسى ابن مريم صلى الله عليهما قُتل وصلب على مثله فاعتقدوا إعظامه [56/أ] طاعة والتمسك به قربة وقد أخبر الله تعالى بتكذيبهم فقال: {ومَا قَتَلُوهُ ومَا صَلَبُوهُ ولَكِن شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157] الآية فإن جاهرونا بالصليب وجب إنكاره ثم نظر، فإن كان الإمام شرط عليهم في عقد جزيتهم ترك مجاهرتنا به جاز في الإنكار عليهم أن يعمد إلى تفصيل الصليب وكسره رفعاً لما أظهروه من المعصية به، وإن لم يكن شرط ذلك عليهم في عقد جزيتهم وجب أن يقتصر على الإنكار عليهم في المجاهرة ولا يكسر إلا أن يقيموا بعد الإنكار على إظهاره فيكسر عليهم كسراً لا يوجب غرماً وهو بالتفصيل وإزالة التركيب فإن زاد عليه فإن كان له قيمة وهو مفصل ولم تنقص قيمته بالكسر الذي زاد على التفصيل فلا شيء عليه، وإن نقصت قيمته بالكسر فعليه ما بين قيمته مفصلاً مكسوراً وبين قيمته مفصلاً صحيحاً.
مسألة (¬2): قال: "ولوْ أراقَ لهُ خمرًا".
الفصل
وهذا كما قال: إذا أراق مسلم لنصرانيَّ خمراً أو قتل له خنزيراً لا يضمن، وكذلك إن أراق الذمي هذه الخمرة لا يحكم عليه بالضمان فإن خرق وعاء الخمر يلزمه أرش ما نقص لأن له قيمة في الشريعة والاعتبار بما أوجبته شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - دون ما يعتقده الكفرة الفجرة، وقال أبو حنيفة ومالك: يلزم الضمان له في الخمر والخنزير، وقال أبو حنيفة: فإن أراقها مسلم يلزمه القيمة، وان أراقها ذمي يلزمه مثلها وهذا غلط لأن ما لا يضمن في حق المسلم لا يضمن في حق الذمي كالعبد المرتد والدم، واحتج الشافعي عليهم بالموقوذة لا تُضمن لهم وهم لا يسلّمون ذلك إذا اعتقدوه مالاً واحتجوا بما روي أن عامل عمر - رضي الله عنه - كتب إليه أن أهل الذمة يمرون بالعاشر ومعهم الخمور فكتب إليه عمر - رضي الله عنه - "ولوهم بيعها وخذوا منهم عشر أثمانها" فدل أنها مال لهم فتضمن لهم قلنا: معناه لا تتعرضوا عليهم في بيعها [56/ب] وإنما أمر بأخذ العُشر من أثمانها لأنهم إذا تبايعوا وتقابضوا بالرضا حكمنا لهم بالملك ولا ننقضه وسماه ثمناً مجازاً لا حقيقةً.
فرع
¬__________
(¬1) أنظر الآم (3/ 45)
(¬2) أنظر الآم (3/ 46)

الصفحة 473