يخشى عواقبه مذكراً لهم بالنعم محذراً من النقم: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131)
وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135) قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ (136) إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (137) وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} [الشعراء: 131 - 138].
بالغ هود في تنبيههم على نعم الله تعالى بحيث أجملها، ثم فصلها مستشهداً بعلمهم ليوقظهم عن سنة غفلتهم، فلم يزدادوا إلا عَمَى وغفلة وإنكاراً للبعث والعقوبة، وكان ذلك سبب هلاكهم كما قال تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً} [الشعراء: 139].
وقيل: إنهم كانوا يعبثون بمن يمر عليهم، وكان لهم مناطر على الطرقات يقعدون بها، ويسخرون بمن يمر بهم.
وقال الكلبي: هو عبث العشَّارين بأموال من يمر بهم؛ وكانوا يمكسون. رواه الثعلبي، وغيره (¬1).
وجميع هذه الأخلاق محرمة إلا ما كان من اللعب واللهو الذي ليس فيه أذى الغير؛ فإنه مكروه، وكذلك اللعب بالحمام.
وروى ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" عن إبراهيم النَّخعي رحمه الله تعالى أنه قال: من لعب بالحمام الطيارة لم يمت حتى يذوق ألم الفقر (¬2).
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الماوردي" (4/ 181)، و"تفسير القرطبي" (13/ 123).
(¬2) رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (ص: 84)، وكذا البيهقي في "شعب الإيمان" (6538).