3 - ومنها: الأخذ بالرأي في مصادمة النص.
وروى الخطيب البغدادي في كتاب "شرف أصحاب الحديث" عن أبي بكر أحمد بن عبد الرحمن النسفي المقرئ قال: كان مشايخنا يسمون أبا بكر بن إسماعيل أبا ثمود؛ لأنه كان من أصحاب الحديث، فصار من أصحاب الرأي؛ يقول الله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت: 17] (¬1).
قلت: وهذا استنباط حسن.
أو معنى: {فَهَدَيْنَاهُمْ}: دلَلْناهم على الحق والخير بنبينا صالح، فكان ينص الدين لهم عن وحي، وهم يختارون رأي أنفسهم على نصه والاقتداء به، ولذلك قال الله تعالى حكاية عنه: {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (63)} [هود: 63].
والبينة هي المشافهة بالوحي المفيدة لليقين، ومكافحة الحق.
وقوله: {فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ} [هود: 63]؛ أي: بمخالفة الوحي.
ففيه تربية لهم، وتخويف من العصيان الحاصل بمخالفة النص.
¬__________
=مخاصمًا"، وزاد البيهقي: "كفى بك إثما أن لا تزال ممارياً".
ورواه بلفظ الأصل: الدارمي في "السنن" (293) عن أبي الدرداء - رضي الله عنه -.
(¬1) رواه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث" (ص: 57)